08 أكتوبر 2016

زهير كمال يكتب: النهاية الأليمة لمحمود عباس

على هامش التعزية بوفاة شيمون بيريز عقد لقاء بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وأعضاء من السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. تقضي الأعراف الدبلوماسية بأن يسلم الطرفان أحدهما على الآخر قبل بدء الاجتماع.
مد الطرفان كيري وعباس اليد اليمنى ولكن كيري غيّر موقفه ولم يسلم على اليد الممدودة من الطرف الآخر.
لم يصدر من الخارجية الأمريكية تفسير للواقعة التي تظهر إهانة متعمدة لرأس السلطة الفلسطينية. 
في البحث عن أسباب هذا التصرف الغريب فانه لا بد وأن قولاً أو فعلاً قد صدر من محمود عباس أغضب كيري والولايات المتحدة عليه ، وبالرجوع الى الماضي القريب، لم يكن هناك سوى بعض التصريحات العنترية من محمود عباس ضد العرب الذين يتدخلون في الشأن الفلسطيني وكذلك إلغاء الانتخابات البلدية وكلاهما شأن تافه بالنسبة لكيري.
أما القضية الكبرى الهامة والتي أرقت كيري والتي تمس المصالح الأمريكية فقد كانت اجتماع محمود عباس مع مريم رجوي في باريس.
مريم رجوي هي زعيمة منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني ، كانت المنظمة موجودة في العراق منذ الحرب العراقية الإيرانية ثم انسحب أعضاؤها منه عند نهاية الغزو الأمريكي ، ومقرهم الآن في باريس.
وقع عباس في المحظور وتدخل فيما لا يعنيه ، فالإدارة الأمريكية تبحث عن علاقات مستقرة مع النظام الإيراني الحالي ولا تريد تكدير هذه العلاقة المتأرجحة .
بعد اجتماع عباس مع مريم رجوي في باريس ، كان رد الفعل الإيراني عنيفاً ، فقد صرح أكثر من مسؤول لديهم ، بأن محمود عباس عميل للمخابرات الأمريكية وأن وثائق السفارة الأمريكية المقطعة والمفرومة في طهران أيام أزمة الرهائن عام 1979 تظهر اسمه ضمن أسماء العملاء المنتشرين في كل دول العالم الثالث.
وفي تحليل هذه الوقائع أسرد ما يلي :
1. كانت طهران قبل الثورة تضاهي تل أبيب في الأهمية من حيث جمع المعلومات وتوظيف العملاء والعمليات الاستخبارية الأخرى ، بل ربما تفوقها في الأهمية كون إيران بلداً مسلماً لا ينظر إليه بعداء كما إسرائيل.
2. عمل الطلاب والمتطوعون في كومة ضخمة من الأوراق المفرومة والمقطعة وحصلوا على معلومات خطيرة ، تلك الأيام كانت الحواسيب ما تزال تحبو بداية خطواتها الأولى.
3. ليس كل ما يعرف يقال، ولهذا كان صبر أركان النظام الإيراني كصبر تجار البازار على بضاعتهم. ولا شك أنهم يمتلكون معلومات عن أشخاص آخرين في المنطقة العربية ارتموا في أحضان المخابرات المركزية .
4. عندما انفجر الخبر لم تتداوله أجهزة الإعلام العربية بالتحليل والإبراز والتكرار كما يحدث في بعض الأحداث الأخرى، وكأنما يراد له الطي والكتمان والنسيان.
5. في عقولنا عدم تصديق واستهجان واستغراب أن يكون رئيس دولة أو سلطة عميلاً رخيصاً للمخابرات. قد نصدق مثلاً حدوث هذا في جمهوريات الموز السابقة في أمريكا اللاتينية والجنوبية ، مثل رئيس بنما السابق مانويل نورييغا الذي يقضي بقية حياته في أحد السجون الامريكية في فلوريدا.
ولكن ألا تشابه أوضاعنا الحالية أوضاع هذه الجمهوريات بل ربما أسوأ بوجود النفط وإسرائيل؟
6. ربما نسي عباس في هذه السن المتقدمة تحذير مشغليه من أن النظام الإيراني يعرف حقيقته، واعتقد انه يستطيع التصرف كرئيس دولة يرسم السياسات التي تتناسب مع مصالح دولته، فقام بزيارة مريم رجوي في باريس .
لم يكن هناك داع لتحدي النظام الإيراني، الأمر الذي أغضب رؤساءه عليه ، ومصلحتهم الآن تقضي بالتهدئة مع إيران .
بالنسبة إليهم يبقى الرجل صغيراً مهما علت مرتبته، فكان تصرف كيري اللافت للنظر
7. إذا أهملنا التصريحات الإيرانية واعتبرناها تصريحات هوجاء غاضبة، ألا تشي أفعال الرجل وتصرفاته منذ تولى العمل السياسي وحتى يومنا هذا بأنه يعمل ضد مصالح الشعب الفلسطيني؟
8. بالعودة الى الوراء قليلاً ، نعرف أن محمود عباس هو مهندس اتفاقية أوسلو. ولكنه لا يتحلى بالذكاء اللازم لصياغة اتفاقية معقدة، وكمثل بسيط تناولها الوضع الجغرافي وتقسيم المناطق الى ألف و باء و جيم .
فالخبراء الأمريكان هم المولعون بهذه الدقة في التفاصيل ، ولكن يمكن القول إن المخابرات المركزية الأمريكية كانت تتفاوض مع إسرائيل من أجل حل للمشكلة الفلسطينية عبر واجهة فلسطينية هي أحد رجالها الأوفياء صاحب الشخصية الباهتة محمود عباس .
كان الطعم معداً بعناية لعرفات بعد سنين في منفاه التونسي أن يقبل التنازل عن 78% من فلسطين مقابل ما سماه يومها (سلام الشجعان) ، ولم يكن للشجاعة أي نصيب في الدخول الى المصيدة ملقياً أهم سلاح لديه وهو عدم التنازل عن أي شبر فيها .
9. ما تلا ذلك معروف ، وهو قدوم الجنرال الأمريكي دايتون وتحويل القوات التابعة لفتح الى قوات أمنية بدون عقيدة فكرية، تتجسس على شعبها وتقدم المعلومات الى إسرائيل وكذلك إفساد المجتمع الفلسطيني ، والأدهى تحويل الطبقة الوسطى الى تابع ذليل لسلطة عباس يقطع الرواتب أو يصرفها حسب برنامج مخطط ومعد بعناية لتغيير العقول والمشاعر والأهواء .
غضب الأمريكان كثيراً على عباس ، فغلطة كهذه تفسد مخططاتهم المستقبلية بتأمين خلف مماثل، ولعل عباس شعر بغلطته فبكى بحرقة في جنازة بيريز عله يوهم مشغليه بأنه ما زال رجلهم المخلص .
ولكن هيهات فقد لفظوا قبل ذلك شخصيات أهم بكثير منه عندما انتهى مفعولهم ولم يعودوا بذات نفع للمصالح الامريكية.
انتهى مفعول عباس ، فانتهت صلاحيته وربما نسمع خبر موته ( الطبيعي) قريباً ولكن يستوجب توجيه النصح الى زلمه وأعوانه .
لا تدفنوه في أرض فلسطين، فهناك قاعدة عامة ينبغي تذكيرهم بها :
لا وجود لقبور وأضرحة للخونة منذ يهوذا وحتى يومنا هذا .
لو فعلوها ووضعوا له ضريحاً سيأتي طفل فلسطيني يكتب على قبره بقلم جرافيت أسود:
هنا يرقد رجل باع وطنه وشعبه بثلاثين شاقلاً من الفضة .

07 أكتوبر 2016

هكر يخترق المدونة وينشر اكاذيب عن دولة قطر الشقيقة

حدث اختراق أمنى للمدونة نشر من خلاله أكاذيب عن دولة قطر الشقيقة والأمير تميم بن حمد ونظام الحكم .. ولذلك فإن المدونة تؤكد على بالغ احترامها لدولة قطر شعبا وحكاما .. وتثمن نضالاتهم لدعم الربيع العربي والشعوب المسحوقة في هذا الوطن.
ولقد تم بحمد الله استعادة المدونة وحذف المنشورات المسيئة التى تختلف تماما مع توجهات المدونة الفكرية.

27 سبتمبر 2016

زهير كمال يكتب: ناهض حتر والمختلفون معه

ما يلفت الانتباه في جريمة اغتيال الكاتب ناهض حتر هو ردود أفعال الكتاب الآخرين على جريمة اغتياله. فكلما تكلم أحدهم أو سئل تبرع قائلاً: رغم اختلافي مع ناهض .... ثم يكمل الحديث مندداً أو شاجباً للجريمة.
وبالطبع لن نعرف لماذا اختلف معه ، فقد انتهى الاختلاف باغتيال حتر.
كثير من الصحف والمواقع تضع قبل اسمه عبارة الكاتب الجدلي أو الكاتب المثير للجدل .وما نستنتجه هنا أن هناك خلافاً في الرأي أو الفكر بين الكاتب وأقرانه من الكتاب، وهذا شيء طبيعي. ولكن كانت هناك اختلافات أشد وطأة مع الكاتب.
فقد اختلفت الحكومة الأردنية مع الكاتب فوضعته رهن الاعتقال بتهمة السب في الذات الإلهية، وتصدر رئيس الوزراء للموضوع ، يريد أن يثبت أنه رجل دولة يستبق الأحداث قبل وقوعها، فليس من المعتقد أنه وهو الرجل العلماني كان يعمل بدافع ديني، بل كان يريد إثبات أنه يحافظ على السلم الأهلي. 
لم تتمعن الحكومة بتفسير الكاتب لموضوع الكاريكاتير المنقول وهكذا لفتت انتباه الرأي العام الى الموضوع برمته بدلاً من انتظار رد فعل الناس أولاً ، فربما مر الموضوع مرور الكرام.
ولكن يبدو أن اختلاف الحكومة السياسي مع الكاتب كان هو القشة التي قصمت ظهر البعير.
وقد أفرجت الحكومة بكفالة عن الكاتب بعد فترة وجيزة من الحبس ، والسؤال المجازي هنا : ماذا لو كان موضوع الكاريكاتير المنقول هو السب في الذات الملكية، هل كان سيخرج من حبسه أبداً ؟
اختلف القاتل مع الكاتب فأرداه قتيلاً ، يظن القاتل أنه بفعلته هذه إنما يدافع عن الله تعالى أن يمسه أحد الكفرة بسوء.
والقاتل يعيش في أفقر مناطق الأردن المزدحمة بالسكان ، ولا يعرف هذا الجاهل أن الكاتب كان يدافع عنه وعنالطبقات الفقيرة المحرومة والتي تركت للجهل والتخلف على مدار سنين طويلة يعشش في عقولها ويحرمها الإدراك السليم والوعي بحقائق الحياة.
وضمن الأمور المحزنة حقاً، والتي أظهرها مصرع حتر بوضوح، هي الحالة المتردية التي وصل اليها المجتمع الأردني بخاصة والمجتمعات العربية بعامة. فقديماً كانت الشعوب تتظاهر كلما أتيحت لها فرصة للتظاهر، وهو ما عرف باسم الشارع العربي الذي يعبر عن رأيه المخالف لرأي حكوماته.
أما في الحاضر فقد وقف حتر وحيداً أمام سطوة حكومته وجبروتها. ولم نشاهد مظاهرة دعم واحدة تقول لخصومه نحن نتضامن معه، إن له حق التعبير عن آرائه. ولم نقرأ بيان تضامن واحد من أية نقابة في الأردن، لقد شل الخوف الجميع ، والسبب بسيط فقد اعتقد الجميع أنه دخل في ساحة المحرمات !
وربما تعبر العبارة المتداولة بين بعضهم عن هذه الحالة، وقد لاحظناهم يتداولونها كثيراً :
ناقل الكفر ليس بكافر .
إذاً فالموضوع فيه كفر، ولذلك أصبح هامش الدفاع عن الكاتب محدوداً.
ولكن من من يدافع عن الكاتب على هذا الأساس إنما يظلمه ويقتل الحق في حرية التعبير.
بداية : لم يكن يخطر على بال الكاتب أن يهاجم المعتقدات الإسلامية وهو يعيش في مجتمع إسلامي وفي مرحلة بالغة الحساسية تمر بها المنطقة، فهناك كثير من الرقابة الذاتية وضبط النفس يستعملهما معظم الكتاب. ولكن لو تناولنا الأولويات لوجدنا أن الكاتب لم يخطئ كما يتصور البعض.
فداعش - فكراً وعملاً - هي جسم غريب على الإسلام، ويتفق معظم المحللين على انها صناعة غربية، ولكن لأننا لا نجد شيوخاً وهيئات دينية في المجتمع العربي تقوم بتكفيرهم وتعتبرهم فئة خارجة عن الدين، إنما هو سبب المأساة التي تعيشها مجتمعاتنا العربية وبخاصة فئة الشباب.
أما سبب عدم وجود شيوخ وهيئات دينية متنورة إلا ما ندر، فإنما بفعل المال السعودي الذي حوّل الشيوخ الى وعاظ سلاطين ودعاة لولي الأمر، لا علاقة لهم بالإسلام وتعاليمه الواضحة. 
ولا يخفى أن كثيراً منهم من الجهلة ينطبق عليهم بيت حسان بن ثابت :
لا بأس بالقوم من طولٍ ومن عِظمٍ .. جسم البغال وأحلام العصافير.
وقد لا نبالغ إن قلنا إن من يغني خارج هذا السرب إنما يعدون على أصابع اليد الواحدة، ولا يستطيعون فعل شيء في هذا البحر المفعم بالظلامية والجهل.
إذاً فكأنّ هناك رباً لداعش يختلف عن الله الرحمن الرحيم الذي بشر به الإسلام والديانات السماوية الأخرى، ولكن اختلط الأمر وأصاب الخوف شعوبنا وحكوماتنا ومثقفينا .
وكما ذكرت سابقاً فإن الأدهى أن هذه المجتمعات المترابطة سابقاً قد تحولت الى مجموع من الأفراد يواجه كل فرد منهم مشاكله بنفسه.
هذا ما لاحظناه في حالة حتر، كفرد وحيد منذ أثيرت مشكلة الكاريكاتير والأمر بحبسه وحتى لحظة اغتياله على باب قصر العدل، هذه اللحظة بما تحمله من رمزية شديدة، فقد تم اغتيال العدل والحق في مجتمعاتنا العربية كلها.
ومع كل سواد هذه اللحظة المؤلمة إلا أن منظر الفتاة المحجبة ورفيقها اللذيْن حاولا إسعاف حتر لهي دلالة على أن شعوبنا لا تزال بخير .
مشكلتنا هي في وعي مثقفي الطبقة الوسطى، وفي إدراكهم لما يخطط لهذه الأمة من مستقبل مظلم ، وفي توحدهم من أجل وقف هذا التدهور والانحطاط .
فهل من مجيب؟

محمد سيف الدولة يكتب: معبر طابا العربى وليس معبر بيجين الروسى الصهيونى

مشاركة ومباركة مصرية للاحتفال الصهيونى بتغيير اسم معبر مصرى فلسطينى الى اسم شخص ارهابي صهيوني من روسيا البيضاء اسمه مناحم بيجين.

***

فى الذكرى ٣٨ لموافقة الكنيست على اتفاقية كامب ديفيد فى ٢٧ سبتمبر ١٩٧٨، دولة الاحتلال المسماة (باسرائيل) تغير اسم معبر طابا الىمعبر بيجين ، فى حضور القنصل المصرى فى ام الرشاش المحتلة (إيلات) .

مناحم بيجين هو احد اخطر الإرهابيين الصهاينة، خطط وَقّاد وشارك فى عشرات المذابح للفلسطينيين، وعلى رأسها مذبحة دير ياسين.

اما معبر طابا فيجوز (للاسرائيليين) الدخول منه الى سيناء والبقاء فيها للعربدة والتجسس والاختراق والتخريب لمدة ١٥ يوم بدون تأشيرة وفقالاتفاقية طابا احد توابع كامب ديفيد وكوارثها.

فى الوقت الذى تغلق السلطات المصرية معبر رفح فى وجه الفلسطينيين وتحرم عليهم الارض المصرية الا وفقا لاجراءات أمنية صارمة.

لا يعقل ان يوجد ما يربط بين مهاجر ارهابى من روسيا البيضاء وبين معبر عربى، سوى الصهيونية والاحتلال وكامب ديفيد.

وعار على السلطة المصرية ان تشارك وتبارك هذا الإجراء الصهيونى الذى يسعى الى طمس كل ما هو عربى فى إطار سياسات التهويد والأسرلة التىيمارسها الاحتلال كل يوم.

*****

القاهرة فى 27 سبتمبر 2016

23 سبتمبر 2016

سيد أمين يكتب: الثقافة اليهودية عند المصريين

الجمعة 23 سبتمبر 2016 15:29
وجدت الموروثات الثقافية الدخيلة مكانا رحبا في الثقافة الشعبية المصرية ، لتبقي دليلا متداولا يعبر تعبيرا صارخا عن حجم التدخلات الدولية المستمرة عبر التاريخ في ثقافة هذا الشعب، لدرجة أنها تمكنت –أى تلك التدخلات- من التوغل في كلماته وتعبيراته الاعتيادية ، بل وامتدت حتى وصلت إلى طقوسه الدينية لدرجة قد تثير الدهشة ، ثم عبرت معه إلى خارج مصر بدلا من أن تعبر مع أصحابها الأصليين.
ولا جديد في القول أن الثقافة المصرية الحالية هى مزيج تطور تاريخى لثقافات عدة منها المصرية الغابرة، ومنها العبرانية، والفارسية، والتركية، والأمازيغية، والنوبية، والحبشية واليونانية الذين ذابوا جميعا في ثقافة أنضج وأبلغ هى الثقافة العربية، الأمر الذى ساهم مع عوامل أخري في اعطاءعربية مصر الدارجة تميزها.
ربما حدثت تلك التدخلات بحكم الموقع الجغرافي ، وربما بحكم مسالمة سكان مصر القدماء أو حتى عجزهم عن مقاومة الغزاة الذين تناوبوا على احتلالها على مدى طويل جدا يقدر مجموعه بنحو الألف ونصف الألف سنة ، وهو ما ينسف في زاوية أخري عمليا مقولة "خير أجناد الأرض".
في الحقيقة أن المجال هنا لن يتسع لذكر نماذج لتداخلات الحضارات الأخري في حياة المصريين ، ولكن يمكننا القول بأن التداخل الثقافي التركى مثلا يبدو واضحا في عادات وألفاظ كثيرة منها النسب بحرف "جى" كمكوجي وعربجى وبلطجى .. إلخ" ، كما أن التداخل الفارسي أيضا جاء في كلمات كثيرة منها مثلا "الشخت، البخت، تختة، وممنون، وميمون، يللا .. إلخ" .
وما يعنينا هنا الإشارة إلى أن تماس الموروث الثقافي اليهودى مع جوانب الغيبيات والميتافيزيقا في عقل الانسان عامة، يجعله يجد رواجا عند المصريين دون أن يعرفوا مصدره ودون أن يدركوا أنه يضرب فى صميم العقيدة الاسلامية.

طقوس يهودية

أثرت العبرانية والعقيدة اليهودية تأثيرا مبهرا في الثقافة الشعبية المصرية، ، وجعلت كثيرا من المصريين - في غفلة من العلم بالدين - يمزجون بين طقوس العقيدتين الإسلامية واليهودية ، فيمارسون المعتقد اليهودى بوصفه إسلاميا.
ومن هذا مثلا ، درج كثير من المصريين لاسيما في الأرياف ، أنهم حينما يذبحون "الأضاحى" يقومون بغمس أكفهم في دمائها ، ثم يضربون بها على أبواب منازلهم وحوانيتهم طلبا للرزق وجلبا للبركة ، ولا يدرون أنهم بذلك يفعلون ما فعله اليهود في فجر يوم الخروج من مصر.
فبحسب ما جاء في "سفر الخروج" في التوراة الحالية، أن موسي "عليه السلام" طلب من اليهود ذبح القرابين ليلا والاستيقاظ فجرا للهروب من فرعون وجنوده ، فخشى اليهود ألا يستطيع بعضهم الاستيقاظ فجرا فيقع ضحية للفرعون في الصباح ، فطلب منهم موسي أن يغمسوا يدهم بدماء قرابينهم ويعلمون بها بيوتهم حتى يقوم "يهوه"- إله اليهود- بطرق تلك الأبواب ليلا وإيقاظهم من ثم تشملهم بركته.
ويقول المصريون لمن لا يعتبر ولا يتعظ "حط في عينك حصوة ملح"، وهو في الحقيقة قول يعود بحسب المعتقد اليهودى في سفر "التثنية" أيضا إلى زوجة النبي "لوط"، حيث أمر الملكان النبي وأسرته بالرحيل عن القرية وألا ينظرا خلفهما حين تدميرها، فعصت زوجة لوط الأمر ونظرت خلفها فتحولت في حينها إلى "حصوة ملح".
ولا يفوتنا الإشارة إلي أن المصريين كانوا يسخرون أو يتندرون من موسي ومن معه حينما رأوهم يعبدون إلها لا يرونه وكانوا يقولون أن اليهود يعبدون "اليهوه الخفي" وهى اللفظة التى تدرجت في العامية لتنطق "اللهو الخفي"، وكذلك عبارة "يا خلق يهوه" التي يقولها البعض تعجبا ومعناها "يا خلق الله !!".
وكانت المصريات في زمن ليس ببعيد تتوشم بوشم أزرق في أيديها خاصة اليد اليمنى أو في جبينها وهى بذلك تنفذ دونما تدري تعليمات الاصحاح 11بسفر التثنية حيث ينصح "يهوه" اليهود بها للبركة.
ومنذ سنوات راحت ناشطات إسرائيليات وفلسطينيات تتخذن من "الخرزة الزرقاء" التى عبرت حدود القطرية المصرية رمزا للتقاليد المشتركة بين اليهود والمسلمين ومسوغا للتعايش المشترك، رغم أن الخرزة الزرقاء واللون الأزرق ويسمونه"الأسمانج"عموما هو من الألوان المقدسة عند اليهود دون غيرهم ، لدرجة أن الإسرائيليين جعلوه لونا رئيسيا في علمهم ، فهو يرمز للعظمة والسعادة والكبر طبقا لما ذكر عنه في مواضع متعددة من سفر الخروج واصحاح أستير.
المهم أن "الخرزة الزرقاء" و"العين الزرقاء" هى طقوس عقائد يهودية بحتة وقع في حبائلها المصريون كما وقع العالم.

كلمات عبرية

يحفل اللسان المصري بكلمات من كل الألسنة ، طرزها جميعها بشكل فريد في لغته العربية، ولم يجعل سلطانا لأى لسان آخر عليها ، ما دل على قدرة تلك اللغة البارعة في تعريب الكلمات الدخيلة وامتصاصها، ودل أيضا على أن "عروبة المصري" ليست هوية دخيلة عليه ولكنها أصلا يصهر كل ما عداها فيها.
ومن الكلمات العبرية التى يتداولها بعض المصريين كلمات مثل "سجرة" أى الشجرة ، و"شيمش" أى شمس ، "أنى" أى أنا ، "بعلى" أى زوجى، "بت" أى بنت ، شاف أى شاهد.

12 سبتمبر 2016

المقال الكامل لكارم يحيى عن "مأساة هشام جعفر"

حذفت جريدة الاهرام فقرات من مقال الكاتب الصحفي كارم يحيي الكاتب الصحفي بالجريدة ..ونحن هنا نعيد نشر المقال كاملا:
هذا ليس برجل يحمل أفكار سيد قطب في التطرف وتكفير الدولة و المجتمع ، وهو لا يؤمن بجاهلية العصر . لكن حتى لو كان سيد قطب في ظروف احتجازه وحبسه الآن لحق علينا ان نقف معه ونعمل على حماية إنسانيته وحياته وصحته . إنه في حبس قارب على عام كامل من دون محاكمة . ويزيد من معاناته ومأساته تدهور حالته الصحية بصرا وبروستاتا .و ثمة في مواجهته قسوة غير مبررة .فقد ضغط زملاؤه بنقابة الصحفيين حتى دفعوا الى نقله وآخرين من سجن العقرب شديد الحراسة الى مستشفي القصر العيني في مارس الماضي . وهاهو يعاد الى السجن نفسه شاكيا من أنه لم يتلق العلاج، ولم تجر له جراحة ضرورية . ثم يظهر حاملا قسطرة البول ومضربا عن الطعام أمام المحكمة في 25 أغسطس ليتجدد حبسه احتياطيا 45 يوما. مشهد لايليق بمصر صاحبة حضارة تمتد الى آلاف السنين .ولا يليق بالقرن الحادي والعشرين الذي نعيش.
اتحدث عن الزميل الصحفي هشام جعفر .وهو أيضا باحث مرموق . التقينا آخر مرة بالصدفة في أكتوبر 2013 عندما ذهبت للقاء الصديق الطبيب المثقف حنا جريس بمقهى ريش لأحاوره في سياق اعداد كتابي ” خريف الإخوان : كيف فشل حكم الجماعة في مصر ؟” . فوجدته كعادته وقورا دمثا . وتناقشنا فيما يجرى في مصرنا الحبيبة فلمست كما عاهدت فيه إعتدالا و حرصا على المجتمع والدولة ومؤسساتها . بل كان كما في كتب قبل ثورة يناير ضمن كتاب مشترك بعنوان ” أزمة الإخوان المسلمين ” ناقدا للجماعة . ولعلني أضيف الى وصف نائب الشعب السابق “مصطفى النجار ” لهشام جعفر بشيخ الإصلاحيين في المجال العام بأنه رجل يقترن اسمه وتاريخه بالحوار .
ولقد راجعت سيرته الذاتيه .فوجدت الى جانب مشاركته في صياغة بعض وثائق الأزهر التي تتسم بالوسطية والساعية الى توافق وطني والداعمة لمدنية الدولة مستشارا لمؤسسات دولية تعمل على أهداف السلام والتآخي والحوار. وبعضها متخصص في منع الحروب والنزاعات المسلحة والعنف .ومن بينها مركز الحوار الانساني بسويسرا. وهو مؤسسة تقول بانها مستقلة وتعمل في مجال الدبلوماسية غير الرسمية على الحوار والوساطة بين الأطراف المتحاربة أو التي توشك على الانزلاق الى الحرب . كما تصف نفسها بانها بعيدة عن التجاذبات السياسية . وهذا فضلا عن ان هشام جعفر عمل مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونسف) في مشروعات تخدم المجتمع المصري.ناهيك عن جهده الصحفي الإعلامي و البحثي المتميز مهنية ورصانة . كما تعرف جدران مؤسسة الأهرام ونشاط مركزه للدراسات الاجتماعية والتاريخية مساهماته ونقاشاته ، وبما في ذلك عن القانون والمجالس العرفية .
ويصعب على المرء و على نفسي شخصيا تصور ان يدور رجل بهذا التاريخ والصفات والجهود في دائرة الحبس الاحتياطي ، ومعها جملة دوائر شريرة تصحبها من حبس انفرادي واهمال طبي يهدد البصر والصحة والحياة ومنع الدواء والعلاج .وربما كان الرجل ضحية وشاية كاذبة أو أحد التقارير الأمنية الطائشة . وربما كان السبب في الزج به الى هذه المعاناة والمأساة ـ كما يخمن البعض ـ وثيقة فكرية سياسية عمل على اعدادها في نهاية ابريل 2015. أي قبل القبض عليه في 15 أكتوبر الماضي .وتحمل عنوان : من أجل تقوية مجال سياسي ديموقراطي تحكمه قواعد اخلاقية متفق عليها . وهي وثيقة ومن فقرتها الأولي تنادي بتطوير المجتمع وتعزيز حقوق المواطنة و منع خطر العنف و الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية واصلاحها ودعم موقع بلدنا الإقليمي والدولي . وتحدد وسائل تحقيق أهدافها في العمل السياسي السلمي والارتقاء بادارة الخلافات بين المصريين . وتشدد على الامتناع عن دعوات العنف والتحريض على التكفير والتخوين ،وتغذية النعرات العنصرية والطائفية والقبلية ، والتشهير والتحقير والتعريض بالحياة الشخصية للخصوم . كما تشدد اكثر على مكافحة الإرهاب وعدم استخدام دور العبادة لأغراض سياسية حزبية . وهي أيضا ترفض عزل أو اقصاء اي تيار فكري أو سياسي من المجال العام ومن المشاركة السياسية .كما تضع اجراءات وصفتها بأنها أولية لضمان عملية انتخابات شفافة ونزيهة . ومنها اعتماد واحترام مدونة سلوك تضبط كافة جوانب مشاركة الأحزاب والمترشحين . ناهيك عن تقوية الدور التشريعي والرقابي للبرلمان .
أقول ربما .ولعل هناك أكثر من ربما .لكن هشام جعفر يقينا يستحق وفي الحد الأدني محاكمته مطلق السراح لأسباب عدة من بينها حالته الصحية .
والدكتورة منار الطنطاوي زوجة هشام جعفر من بين اصدقاء صفحتي على الفيس بوك وقد كتبت أخيرا جملة أوجعتني . قالت :”أدركت اليوم مدى قبح المجتمع” . وحقيقة انني اخشي عليها من اليأس .هي وآلاف أهالى من يشعرون بظلم حبس ذويهم .وأخشي على الجميع والمجتمع بأسره من بذر بذور التطرف والعنف . لذا أكتب هنا متضامنا مع هشام جعفر وكل زملائي ومواطني الذين يشعرون بظلم لا يمكن دفعه . وبخاصة هؤلاء الذين ينظرون برعب الى مصير مواطنين ماتوا في المحابس متهمين بقوائم طويلة من الادعاءات ثم صدرت أحكام براءتهم بعدما غادروا الدنيا كلها قبل ان يستردوا حريتهم . وهذا حدث ويحدث وسيحدث.
وكل سنة وانتم طيبين رغم المعاناة والمأساة .

06 سبتمبر 2016

جمال الجمل يكتب :كيف صار “البتاع” كبيراً؟


https://www.youtube.com/watch?v=jkR4zCgcNA0
(1)
كان غبياً يصورة واضحة، كل زملاؤه يعرفون ذلك، لكنه كان يملك مع الغباء صفات أخرى يختلف عليها الجميع، مثلا: هل هو طيب أم خبيث؟، صريح أم كاذب؟، دساسٌ وخوَّان أم صاحب مبادئ، مطيع ام منافق ومتلون؟، عادلٌ ونزيهٌ ومؤتمن أم أنه يتشبه بكل هذه الصفات ليستخدمها كتمويه في لعبة كبيرة لا يعرف أهدافها إلا هو؟

(2)
لم يكن الأفضل أبداً بين زملائه، ولم يكن متفوقاً لا في المدرسة ولا في الجامعة، ولم يكن الأكفأ في أي عمل قام به، لكن المدهش أنه كان ينجح في دراسته، ويترقى في العمل، ويكتسب المزيد من الأصدقاء، حتى أصبح من الكبار، وكنت في ذلك الحين أقضي استراحة الظهيرة في أحد المقاهي الهادئة القريبة من الصحيفة التي أعمل بها، وكنت أتصور في البداية أنه موظف في إحدى الوزارات القريبة، كان أداءه ملفتاً للنظر، لكنني لم أهتم بأمره، ولم أسأل عنه، لأنني لم أكن أعرفه عن قرب، فقط كنت أراه من بعيد، عندما يدخل المكان، ويحني ظهره بتواضع وهو يصافح أي شخص، يسرف في المجاملات ويتحدث بكلمات سريعة، كمن يريد أن يفرغ حمولة المجاملة بسرعة ليلحق بموعد مهم، لكنه بعد الجلبة التي يتسبب فيها ظهوره، وبعد مظاهر التعجل التي يتعامل بها، كان يجلس في أحد الأركان، يضع أمامه جهازي موبايل، ويخرج من حقيبته آلة حاسبة وبعض الأوراق، وينهمك في عمل طويل، لكنه متقطع بمكالمات تليفونية، لم أكن اسمع منها إلا أرقام، وعبارات متكررة للمجاملة و”لزمات” تعودت على سماعها من كثرة ما يكررها، مثل: واخدلي بالك.. صلي بينا ع النبي.. صدقني ومش هتخسر.. اسمعني بس هقولك على حاجة ومش هتندم.. بأمر الله هتلعلع وتبقى نجف.

(3)
لاحظت بعد فترة أن “هذا الكائن العجيب” لم يعد يأتي وحده، ظهر بصحبة ثلاثة رجال: اثنان من الحرس، وثالت يحمل الحقيبة نفسها التي تضم الآلة الحاسبة والأوراق، وعرفت من نادل المقهى بالصدفة أن الشخص الثالث هو السكرتير الشخصي ومدير الأعمال.
* أعمال؟.. أي أعمال؟، هل هذا الشخص رجل أعمال؟
– قال النادل منزعجاً: يا بيه معقول ماتعرفوش؟.. ده صحفي زي حضرتك!
* صحفي فين؟، واسمه إيه؟
– (….. …. …..)

(4)
يبدو أن النادل قام بعد ذلك بمهمته التبادلية، ونقل الحوار إلى الصحفي أبو حراس ومدير أعمال وآلة حاسبة، فجاءني في اليوم التالي مجاملا، وفاتحاً ذراعيه: والله ماخدتش بالي إنك بتنورنا هنا، وأشار بإصبعه للنادل: تعالى هنا شوف الأستاذ ياخد إليه، وبدأ يلقي الأوامر والطلبات بلهجة آمرة وعنيفة، وسحب كرسياً وجلس، لم يفتح موضوعا يروقني، أو يجذب اهتمامي، لم يتحدث بجملة واحدة تثير إعجابي وتنبئ عن حوار بين اثنين من صناع الرأي العام، كان يتحدث عن إنجازاته، ومشترواته، ومشروعاته في تطوير المؤسسة التي أصبح واحدا من كبارها، مع غمزة مكشوفة، أخبرني فيها بأنه مرشح بقوة للرئاسة.. رئاسة المؤسسة التي كان كل حلمه أن يتم تعيينه فيها كموظف صغير.

(5)
لم تمر أسابيع قليلة إلا وكان ذلك الضحل هو الرئيس المهيمن على قرارات تلك المؤسسة الضخمة (واخدلي بالك)، أصابتي حالة من الدهشة التي وصلت إلى حد الفزع، فأخذت أضرب كفاً بكف وأنا أسأل: كيف صار هذا “البتاع” كبيرا؟.. كيف صار “البتاع” رئيساً؟

(6)
خرجت إلى الشارع، وأنا بهذه الحالة المندهشة المتسائلة، ويا لهول مارأيت، نفس الشخص في السيارات الفارهة، وعلى شاشات التليفزيون، وفي الصفحات الأولى للصحف، كان كل مسؤول في البلد “بتاع”، وكل مشهور “بتاع”، البتاع في السياسة وفي الثقافة وفي الرياضة، كأن مصر السلطوية استنسخت “البتاع” ووزعت عليه السلطة من قمة الهرم، وحتى أصغر وحدة في مجالس المحليات، صارت مصر تحت احتلال البتوع، وأنا لازلت مذهولاً، أضرب كفاً بكف وأهيم في الشوارع متسائلاً: كيف صار “البتاع” رئيساً؟!
………………………………………………………………………………………………..
* قصة تخيلية، وأي تشابه بينها وبين الواقع.. ليس تخريفاً، لكنه “عين العقل”… والله العظيم حاجة تمخول النافوخ يا جدعان: كيف صار “البتاع” رئيساً ؟.. كيف صار “البتاع” رئيساً ؟.. كيف صار “البتاع” رئيساً ؟..
كيف صار “البتاع”..
رئيساً ؟..
كيف صار
“البتاع”
رئيساً؟…
كيف؟
tamahi@hotmail.com

*نقلا عن البديل

19 أغسطس 2016

سيد أمين ينعى رحيل احد الرجال المحترمين ..#عبدالعظيم_مناف

تنعى المدونة إلى الامة العربية رحيل فارسا من ابرز فرسانها ، ومفكرا من أخلص مفكريها، ومناضلا أفنى حياته في سبيل نصرتها ونصرة قضية أمتينا العربية والاسلامية "فلسطين".
أنه المناضل الكبير عبد العظيم مناف أحد أبرز مفكري القومية العربية في العالم وواحد ممن اثروا مكتبتها الفكرية بجواهر تضئ المستقبل للاجيال القادمة الراغبة في تحرر تلك الامة من براثن التبعية للغرب ، ولقوى الصهيونية والماسونية والتغريبية.
نحتسبه عند الله شهيدا وندعوه أن يغفرله زلاته ،ويصبر أبنائه ومحبيه وقرائ على فراقه

13 أغسطس 2016

سيد أمين يكتب: حينما تحول التصويت إلى تفويض

آخر تحديث : السبت 13 أغسطس 2016   14:24 مكة المكرمة
بالأمس القريب فوجئ المصريون باعلان إعلام السلطة عن تدشين حملة قال إنها تسعى لجمع توقيعات لنحو40 مليون مصري من أجل مد المدة الرئاسية للسيسي لتصبح ثمانى سنوات بدلاً من أربع، ليس الغريب أن تلك الحملة تأتى في وقت تآكلت فيه شعبية الرجل إلى ما دون الـ5% ، ولكن أيضا لأنها تأتى في وقت لا يثق فيه المصريون بأنهم سينهضون صباح اليوم التالى ويجدونه لا يزال رئيسا إجباريا للجمهورية.
والحقيقة أنه منذ أن جاء نظام السيسي وهو يتبع اجراءات خارجة عن سياق الديمقراطية المعروفة خطواتها عالميا لتثبيت دعائمه ، حيث راح يبتدع ديمقراطية جديدة يفصلها على هواه لتناسب الخدعة التى يريد تسويقها، وذلك من أجل صناعة شرعيته المزعومة التى تؤهله ليحل محل شرعية رئيس مدنى انتخبه الشعب بطريقة شعبية ديمقراطية حقيقية نادرة الحدوث في بلد كمصر، التى لم تشهد طوال تاريخها الممتد والضارب في التاريخ تغليبا لرأى الجماهير مهما كبرعددها واتسعت مظالمها على رأى الفرعون العسكري.
اخترع نظام السيسي طريقة "التفويض" عبر جمع التوقيعات أوالتواجد في الميادين ليحل محل "التصويت" في الصندوق ولجان الانتخابات.
وبالقطع الجميع يعرف أن الفارق بين الأسلوبين ، هو تماما كالفارق بين "الجهل" وظلاميته وظلمه وخداعه وتضليله وعشوائيته ، وإهداره لقيمة القانون والضوابط والروابط والإحصاء ، وبين "العلم " ورسوخه ومنهجيته الواضحة وعدله.

إرهاصات  الخدعة
بدأت حاجة النظام الحاكم الملحة لإيجاد وسيلة للتغلب على إرادة الجماهيرالفاعلة مع انطلاق تظاهرات "المليونيات" في ميادين الثورة ، والتى جاءت أصلا كتعبير طبيعى عن حالة الثورة ضده ولاجباره على اتباع إجراءات ديمقراطية في"الصندوق" ، وجرب بادئ الأمر أن يحشد أمامها جماهيره في ميادين مغايره كمصطفي محمود والعباسية ، محاولا إيهام الرأى العام العالمى بأن المصريين ليسوا على قلب رجل واحد وراء تلك الثورة وأن ثمة من في الميادين أيضا من كان له رأى أخر.
ولما افتضح أمر حشوده عالميا وعرف الجميع أنها لا حشود ولا يحزنون ، بل جماعات بائسة من الناس استغل النظام فقرهم الذي كان هو سببا فيه، وتم دفعهم بأجر إلى الميادين، راح يغير تكتيكاته كليا ويتبع سياسة تفتيت الخصوم من الداخل، فضلا عن توسيع هيمنته الإعلامية واختراق الثورة بفضائيات الثورة المضادة ، وحقق نجاحا ملموسا في تخفيف حدة الحماسة للثورة عند الكثيرين عبر الزعم بأن الثورة حققت أهدافها، وأن الثوار هم من يحكمون ، وأن الاستمرار في هذا النشاط الثورى يعنى تخريبا للبلاد.
وقد نتج عن هذا الوضع أن فقدت الميادين روادها الأصليين من الثوار، فعمل النظام على شغلها بعناصره ليمارسوا ممارسات شيطنتها ، ثم تطور الهدف تدريجيا حتى انتهى بالدفاع عن الثورة المضادة تلميحا أو تصريحا.
هنا أدرك النظام أنه يملك الميادين جميعها، ويملك معها الإعلام الذى يستطيع تسخيره لتصوير الأمر بالطريقة التى تحلو له ، لكنه أيضا أدرك أنه يفقد السيطرة على الصناديق التى تعززت نزاهتها عبر الإجراءات القانونية والحقوقية التى أتخذت بقوة الثورة، وأهمها التصويت ببطاقة الرقم القومي، ومنع تعدد أماكن التصويت للناخبين ، وإعلان النتائج في اللجان، ولذلك فبدلا من أن يدافع النظام عن الصناديق ويهاجم الميادين كما كان يفعل في البداية ، راح يتهرب منها وانقلب ليدافع عن الميادين ، ولما استشعر بأن سيطرته على تلك الميادين ممكن خلخلتها راح يبتدع نظام "التفويض".

مراحل التفويض
حملة "تمرد" بمدلولاتها العسكرية كانت هى الأسلوب "الشعبي" الذى تفتق لذهن النظام العسكري من أجل تدشين سياسة "التفويض"، لإيجاد مسوغ أخلاقي للانقلاب على الرئيس الذى طرحته الثورة ، خاصة بعد انكشاف ضعف الظهيرالشعبي المساند لهذا النظام في أحداث الاتحادية أمام تيار"الاخوان المسلمين" الذىن أفشلوا خطة اقتحام قصر الرئاسة وقتل الرئيس.
وللأسف وقع "الإسلاميون" في الفخ فراحوا يردون عليها بطريقة مشابهة تعطيها صدقية ما حينما قاموا باطلاق حملة "تجرد" بدلا من إنكار هذا الأسلوب جملة وتفصيلا.
وكانت 30 يونيو/حزيران 2013 هى أكبر اختبار لتوضيح مدى سيطرة النظام على "الميدان"حيث نجح الإعداد الجيد لها واستنفار الكنيسة لشعبها وحشد جماهير الحزب الوطنى والجنود الذين يرتدون ملابس مدنية مع تأميم الإعلام وتسخيره بشكل كبير في الحشد والدعاية ، في حشد ناجح لبضعة ملايين في كل الميادين المصرية.
ثم جاء طلب التفويض الذى أطلقه عبد الفتاح السيسي في 27 يوليو/تموز 2013 كأول اعتراف رسمى من قبل السلطة بهذا النوع من الشرعية ، ثم راح عبر إعلاميه يطلب التفويض مجددا في 6 فبراير/شباط  2015 إلا أن الشعب قال كلمته ورفض هذا الاحتيال على الديمقراطية ورفض النزول.
المدهش أن تلك التفويضات كان يقابلها فشل ذريع في كل انتخابات الصناديق كاستفتاء الدستور وانتخابات الرئاسة والبرلمان –وهى الطريق الوحيد للديمقراطية - والتى قاطعها الشعب بشكل واضح وباعتراف وسائل إعلام محسوبة على النظام وكانت جميعها مثارا للتندر والسخرية حتى لدى رجل الشارع البسيط ، وقد أوضح تلك المقاطعة هو مقارنتها بالطوابير العريضة غير المسبوقة في انتخابات رئاسة ودستور  2012.

تواطؤ غربي
ولأن ما حدث يأتى على هواها وبتدبيرها في الغالب ، تواطأت الدول ذات الديمقراطية الراسخة كبريطانيا وأمريكا ودول الاتحاد الأوربي مع هذا الخداع ، وبدلا من أن تجهر بأن هذا النوع من السلوكيات لا يعد سلوكا ديمقراطيا ولا يمكن اعتباره أنه يعبر تعبيرا حقيقيا على إرادة الجماهير ، راحت تسايره وتغض الطرف عنه وتتفاعل معه بوصفه عملا ديمقراطيا!!
مع أننا لم نسمع طوال التاريخ قط أن رئيس وزراء بريطانيا أو رئيس أمريكا أو حتى رئيس زيمبابوى أو الصومال طالب شعبه بالنزول لتفويضه لذبح معارضيه ، أو لمد فترته الرئاسية بينما الشعب لا يزال يكتوى بنار العام الثاني من حكمه.
صحيح أن هناك عيوبا في الديمقراطية ، منها مثلا أن وعى الجماهير يمكن تزييفه – وفي اعتقادى أن ذلك ما حدث لتبرير الانقلاب- وأنها قد تنتج ثمارا ليست على الهوى العام ، ولكن ليس الحل أن ننسب إلى الديمقراطية ما ليس نبتا لها ، أونكفر بها ونؤمن بالاستبداد؟ وذلك لأن الديمقراطية كيانا متكاملا نطبقه كله ونصبح ديمقراطيين، أو نهدره كله ونصبح طغاة ، لا مكان هنا للون رمادي!!

اقرأ المقال على الجزيرة مباشر من هنا

08 أغسطس 2016

تحية للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب


سيد أمين

منذ أيام ، احتفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت الشقيقة بالذكري الاربعين لانطلاقه حيث انشئ في 17 يوليو 1973، ليكون رافدا اصيلا من روافد تغذية الروح العربية ثقافيا والارتقاء بها فنيا ووجدانيا،وهو في الواقع ليس احتفالا للمجلس بانشاء نفسه، بل هو احتفال واحتفاء يقوم به المتلقون والمنتفعون ثقافيا باصدارته ، اولئك الذين امتدت اليهم ثماره وأسهمت في الارتقاء بمعرفتهم ووعيهم، عبر وجبات روحية دسمة سهلة التناول تقدم لهم مهما بعدت المسافات وتفرقت السبل واختلفت التوجهات الفكرية والسياسية والقطرية.

ولعل الاستقلالية التامة التى أكدها المرسوم الاميري الصادر بانشاء المجلس ، قد اعطته براحا كبيرا ومساحات واسعة يتمدد فيها ما جعله يحقق مكانته الكبريفي الثقافة العربية ، ويحول الكويت إلى مركز اشعاع ثقافي كبيرفي كل البلاد والشعوب الناطقة بلغة الضاد ، خاصة أن الادوار التى أوكلت إلى المجلس وهى التشجيع على القراءة والكتابة وحفظ وتوثيق التراث الشعبي الكويتى والعربي ودعم ورعاية الابداع الفكري والثقافي المحلي ونشر الثقافة العامة من خلال إصدارات المجلس المتنوعة، ادوارا كبيرة أضافت اعباءا كبيرة على كاهله ،إلا أنه استطاع أن يحفر مكانا بارزا باقتدار. 

والملفت أنه رغم كون معظم اصدارت "المجلس الوطنى"الاليكترونية مثل "من المسرح العالمى" و"جريدة الفنون" و"عالم الفكر" و"عالم المعرفة" و"ابداعات عالمية" و"الثقافة العالمية" وغيرها هى من الروافد الثابتة للمثقف العربي المطلع اليكترونيا ، إلا أن المجلس الوطنى الذى صار علامة ثقافية مميزة لدولة الكويت في المحافل الثقافية في الوطن العربي لم يتوقف عن حد النشاط المقروء والمسموع بل راح يتوسع لحماية موجودات الثقافة ذاتها وينتج انشطة خاصة بحماية التراث والاثار والمتاحف وترميمها، والكشف عن ما تخبئه الاثار المكتشفة من رسائل لم نفك طلاسمها ، وما تخبئة الارض من أثار لم تكتشف وتخرج للفحص والدراسة ، فضلا عن ادارة الحملات التوعوية بها وتعريف العالم بها ، وهو دور بالقطع يعزز من أفاق المعرفة والوعى ويساهم في استعادة الهوية الضائعة للشعب العربي.

حتى المهرجانات لم يهملها المجلس من رعايته حيث يرعى وينظم عشرات المهرجانات سنويا وهى جميعها مهرجانات ذات وقع حاص في وجدان المثقف الكويتى والعربي عموما ومنها مهرجان القرين الثقافي ،مهرجان المسرح ، مهرجان الموسيقى ، صيف ثقافي ، مهرجان الأطفال والناشئة وصولاً إلى معرض الكتاب.

ويجب علينا هنا أن نشير إلى أن معظم منتوجات المجلس الوطنى للثقافة والفنون والأداب تتميز بعدة مميزات خاصة كان الجمع بينها امرا عسيرا ، فهى تتميز برخص السعر ، واحيانا توزع على المشاركين في الندوات الثقافية بالمجان لاسيما في الخدمات المتحفية ، ياتى ذلك رغم انها تمتاز بالجودة العالية التى تجعلها تتناسب مع طموحات المثقف العربي الواعى غير الراغب في الابتذال والاسفاف ، كما انها ايضا تتميز بالانتشار وجيازة حالة من الرضا والقبول في كل البلدان العربية.

كثيرة هى مهام المجلس الوطنى الذى تفرد اسمه بذكر تنوعها وكبرها بدءا من الثقافة التى تشمل كل فروع الوعى ثم تفصيلا إلى الفنون والآداب بفروعهاا المحسوس والملموس والمقروء والمرئي. 

قد يبدو لغير المكترث بأن الانجاز ليس كما نصوره ، ولكن في الحقيقة ليست كذلك بالمرة ، فالعمل في مجال تشكيل وعى الناس في زمن تجرفنا فيه كعرب أمواج التغريب والثقافات الوافدة التى تمتلك الراعى والممول والمخطط وصاحب الاستراتيجية والهدف ، كان لابد من البحث عن جهة عربية وطنية ترعاه دولة غنية تعمل كقوى مضادة لعوامل التغريب ، ولذلك تقدمت الكويت للحصول على هذا الشرف عبر انشاء هذا المجلس التوعوى الذى استطاع أن يصمد في وجه التدفق الاعلامى التغريبي ، ليكون واحدا من اهم عوامل الحفاظ على الذات والتطوير الداخلى للوعى عند المواطن الكويتى والعربي عامة.

لذلك فألف تحية للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب

الباحث القومى محمد سيف الدولة يكتب: هيروشيما و الحضارة الفاجرة

السطور التالية من كتاب ((قـراءة فى يوميـات هيروشيما ـ من 6 أغسطس إلي 30 سبتمبر 1945))، للطبيب اليابانى متشهيكو هاتشيا، وترجمه الدكتور/ رؤوف عباس حامد.
***
تحل هذ العام الذكرى الثانية والسبعون لأكبر وأسرع جريمة ابادة حرب شهدتها البشرية منذ بداية الخليقة.
والتى كانت من المشاهد الأخيرة فى الحرب العالمية الثانية، التى أوقعت ما يقرب من 50 مليون قتيل، اضيفوا الى الـ 20 مليون قتيل ضحايا الحرب العالمية الأولى، فى اطار الصراع الامبريالى العالمى الاجرامى على اقتسام مناطق الثروة والنفوذ والسيطرة على العالم.
ناهيك عن مئات الملايين من ضحايا عصر الاستعمار الاوروبى العسكرى المباشر منذ القرن السادس عشر حتى منتصف القرن العشرين لسائر بلاد العالم، وكذلك مئات الملايين من الضحايا من السكان الاصليين فى الامريكتين، ومن ضحايا تجارة العبيد واسترقاق واستعباد شعوب افريقيا.
***
وتحل هذه الذكرى اليوم ونحن متهمون كعرب ومسلمين بأننا شعوب منتجة ومصدرة للعنف والكراهية والإرهاب، واننا اصبحنا خطرا على العالم وعلى الشعوب الاوروبية والأمريكية الحرة الديمقراطية المتحضرة.
وتحل وقد اصبحت "ظاهرة داعش" المريبة والمشبوهة تستخدم من"السادة المتحضرين فى الغرب"، للترويج لنظرية "الشر الكامن فى بلادنا وفى ثقافتنا وفى عقائدنا". احتشدت جيوشهم وبوارجهم وطائراتهم جميعا بذريعة انقاذ العالم منه، حيث تنقل وسائل الاعلام العالمية صورا يومية بشعة عن اعمال القتل والذبح والحرق والتفجير والدهس التى يرتكبها هؤلاء الأشرار الذين ينتسبون الينا بالتجنس او بالاصل والثقافة والمرجعية الدينية.
حتى أصبحت الغالبية منا، تحت وطئة الصدمة والخجل من هذه الجرائم الارهابية، تتبنى بدون تمحيص او تفكير أو مراجعة ذات الروايات العنصرية التى يرددها الغرب عنا، متجاهلة الدور الامريكى فى زراعة ورعاية ودعم وتمويل هذه الحركات منذ الغزو السوفيتى لافغانستان، ومتجاهلة كذلك الآثار المدمرة والمولدة للعنف والكراهية، للحقبة الاستعمارية العدوانية الطويلة لبلادناالتى لم تنتهِ بعد وفى القلب منها جريمتهم الكبرى فى فلسطين، وما فيها من اذلال للشعوب، وإخضاع واستسلام للنظم والحكام العرب. وقبل ذلك وبعده متجاهلة لقرون من الارهاب والاستعباد والاسترقاق الغربى لكل شعوب العالم، وبالطبع متجاهلة الاسباب والدوافع والمصالح الاستعمارية الحقيقية الكامنة وراء مثل هذه الادعاءات.
***
الى هذه الغالبية من أهالينا الطيبيين، نهديهم هذه الشهادة اليابانية الخارجة من وسط غبار القنبلة الذرية الامريكية القذرة، وهى ليست تحليلا سياسيا أو عسكريا، وانما وصفا تفصيليا لما حدث للضحايا بأعين طبيب باحد مستشفيات هيروشيما كان شاهدا على ما جرى، لنتعرف على الوجه الحقيقى للسادة المتحضرين:
بدأت الوقائع فى 6 أغسطس 1945 بإلقاء القوات الأمريكية لقنبلة ذرية وزنها هائل هبطت بمظلتين وتم تفجيرها فى الجو قبل هبوطها على الأرض وامتلأت السماء بدخان كثيف .
لم يسمع الطبيب دوى القنبلة لأنه أصيب بالصمم المؤقت من جراء الانفجار و هو يبعد عن موقع الانفجار بحوالى 1500م و طبقا لما رواه الطبيب وهو ما سنورد نصه على لسانه فيما يلى : 
" كان جنبى الأيمن مثخنا بالجراح ينزف دما . وثمة شظية كبيرة تبرز من جرح متهتك فى فخذى وشئ دافئ أحس به فى فمى ، أما خدودى فقد تمزقت وتحسست وجهى بحذر لاكتشف أن شفتى السفلى قد شجت شجاً واسعاً وعلى رقبتى هناك شظايا متناثرة من الزجاج أخذت أزيحها بصعوبة بالغة واكتشفت إنني عارياً تماما "
وقد تبادر إلى ذهن الطبيب أنها قنبلة وزنها خمسمائة طن وحاول الوصول للمستشفى بصعوبة بالغة وفى أثناء ذلك قابلته جثث متفحمة كثيرة ليس لديها أي معالم وحتى الأحياء المصابين كانوا جميعهم عرايا من جراء القنبلة ووصل للمستشفى وشاهد الكثير من الجرحى والمصابين وكلا منهم يروى ما شاهده وتعرض له أحدهم الدكتور ( تابوتشى ) قائلاً :
" لقد كان منظراً مخيفاً . كان المئات من الجرحى الذين يحاولون الهرب إلى التلال يمرون أمام بيتنا وكان منظرهم لا تطيق العين رؤيته فقد احترقت وجوهم وأيديهم وتورمت وسلخت مساحات واسعة من جلودهم وتدلت من أجسامهم وكانوا يسيرون كصف طويل من النمل وطوال الليل استمر هذا الصف بلا انقطاع يمر من أمام منزلنا ولكنه توقف فى الصباح فوجدتهم يتراصون على جانبى الطريق بصورة جعلت من الصعب على المرء أن يسير دون أن يخطو فوقهم "
***
وشهادة أخرى يقدمها لنا أحد المواطنين المقيمين بالمدينة :
" يبدو أن معظم من ماتوا كانوا إما فوق الجسر أو تحته فقد نزل كثيرون إلى مجرى النهر يلتمسون شربة ماء ثم ماتوا هناك . وقد رأيت بعينى رأسى بعض الأحياء لا زالوا يقفون فى مجرى النهر بين الجثث الطافية ولابد أن يكون المئات بل الألوف ممن التمسوا سبيلاً للفرار من الحريق باللجوء إلى النهر قد غرقوا . وكان منظر الجنود المصابين لا يقل بشاعة عن منظر أولئك الذين طفت جثثهم وأجسادهم فوق مياه النهر – وسلخت جلودهم وبدا لحمهم لزجا متهتكا .. الخ
***
وشهادة ثالثة لأحد المصابين :
" وفى أحد الخزانات أيضا كان عدد الموتى يملأ الخزان تماما حتى أنه لم يكن هناك مكان لموضع قدم فى الخزان ويبدو أنهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة بينما كانوا يجلسون فى الماء . وحتى حمام السباحة بمدرسة المحافظة كان مملوء بجثث الموتى ويبدو أنهم قد اختنقوا عندما كانوا يقفزون إلى الماء هرباً من النيران لأنه لم تكن تبدو عليهم أثر حروق . ولم يتسع حمام السباحة لجميع من حاولوا الدخول فيه لأن الكثير من الجثث كانت حول الحمام من كل جانب وقد تدلت روؤسها فى الماء "
***
وهناك الكثير من الروايات لشهود الواقعة وكثير من القصص الإنسانية التى سببت مأساة لكل منزل وكل أسرة فى مدينة هيروشيما ، وهى ليست قصص أو مشاهد لقطات أحد الأفلام الأمريكية ولكنها وقائع حقيقية حدثت بالفعل دليل على همجية ووحشية الإدارة الأمريكية أينما وجدت فى كل زمان بدءاً من طرد الهنود أصحاب الأرض الأصلية وحتى الآن باستخدامهم القوة العسكرية ضد العراق .
ومن خلال وجود الطبيب بالمستشفى بعد شفاءه قام بتدوين وتسجيل ملاحظات عن الصعوبات وأعراض المرض الذى أصاب الناس من جراء القنبلة وكانوا يطلقون عليها اسم ( بيكادون ) وهى تعنى بريق لامع يعقبه انفجار هائل والأعراض العامة لدى جميع المرضى كالاتى :
1) الإصابة بالصمم المؤقت والعمى لمن كانوا قريبين من مركز الانفجار .
2) معظم من كانوا قريبين من مركز الانفجار عرايا فقدوا ثيابهم تماما بسبب الانفجار .
3) ظهور حالات فقدان الشهية والمعاناة من حالات الغثيان .
4) عسر هضم مصحوب بغازات قيء وإسهال دموي .
5) ظهور بثور وبقع جلدية وقرحة فى الفم والتهاب فى الحلق ونزيف .
6) وجود أنيميا حادة .
7) الأنفاس ضعيفة جداً
8) شحوب لون الجلد .
9) ضعف النبض وسرعته بمعدل 130 فى الدقيقة .
10) ارتفاع درجة حرارة الجسم يصل إلى 41 درجة .
11) حدوث وفيات كثيرة بعد الإحساس بضيق شديد فى التنفس .
12) اكتشاف نقص حاد فى كرات الدم البيضاء ومعظمها خالى من الصفائح الدموية فالمعدل الطبيعى عدد 6 آلاف كرة بيضاء بينما كان لدى المرضى يتراوح حول 200 كرة دم بيضاء فقط .
13) نزيف دموى حاد فى الفم والمعدة والشرج .
14) سقوط شعر الرأس .
بالإضافة لذلك وجد الطبيب ومعاونوه صعوبات هائلة لنقص الإمدادات بداخل المستشفى بعد التدمير الذى تعرضت له أنحاء المدينة حيث واجهتهم صعوبة التخلص من فضلات المرضى ونقلهم ( القيء – الإسهال – وعدم وجود أدوية 00 الخ ) وصعوبة التخلص من الجثث إلى جانب رائحة الجثث وتأثير ذلك على المرض الذين ما زالوا أحياء تحت العلاج وأيضا عدم توافر مكان وأدوات لتشريح الجثث لمعرفة أسباب الأعراض لمعالجتها .. الخ .
ومن خلال تشريح إحدى الجثث ثم ملاحظة وجود التهاب بريتونى بالمعدة وترهل بالبطن نتيجة لآلام شديدة ، وفتق نتيجة حمل خارج الرحم ، تهتك البنكرياس – وجود كثير من السائل الدموى بالمعدة– وجود بقع مخاطية فى الكبد .
ومن جراء هذه الأحداث وتأثيرها على الناس داخل المدينة انتشرت إشاعة أن لا أحد يستطيع أن يسكن أو يدخل هيروشيما بعد 75 عام …
***
وفيما يلى واقعة أحد القريبين من مركز الانفجار وهى سيدة عمرها 41 عام أصيبت على بعد 1.3 كيلومتر من مركز التفجير ، قالت :
" حدث برق شديد وأصفر الجو فجأة و ارتعشت كتفى اليمنى كما لو كان اصابها ماس كهربائى . لم أدرى ماذا أفعل عندما سمعت صوتا يشبه الرعد يتردد بشكل مفزع وكأن السماء انطبقت على الأرض ".
" وعلى مدى البصر كانت مبانى مدينة هيروشيما جميعا قد تهدمت و أصبحت حطاما وأرتفع التراب الأحمر أربعة أقدام فوق سطح الأرض يا له من حادث فظيع "
" وإحدى جاراتها روت لها أنها رأت المئات والآلاف من تلاميذ وتلميذات المدرسة الإعدادية قد تمزقت قمصانهم كما تمزقت سراويل الأولاد فأصبحوا أشبه عراة وسلخت جلودهم وتشابكت فى بعضها البعض وتورمت وجوههم وأخذوا يقفزون فى النهر فتساقطوا فوق بعضهم البعض " .
***
شهادة أخرى لسيدة تبلغ من العمر 33 عام ، أصيبت على بعد 1.7 كم من مركز التفجير :
"لا أتذكر أيهما كان الأسبق الضوء أم صوت الانفجار الذى زلزل هديره رحمى ، وما لبث أن أدركت أن رائحة الهواء أصبحت كريهة فتناولت منديل لأحك أنفى وفمى بقوة ظنا منى أن ما القى علينا قد يكون قنابل الفسفور الأصفر الحارقة ولكن صدمت حيث وجدت جلد وجهى قد تساقط على المنديل . آه .. لقد حدث نفس الشيء ليدى وأرجلى أيضا و تدلى جلد يدى اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع ببشاعة كذلك كان الحال بالنسبة ليدى اليسرى وأصابعها الخمسة " .
وما رأيته خلف الجسر صدمنى فقد كان المئات من البشر يتلوون فى مجرى النهر ولم استطع أن أتبين ما إذا كانوا رجالاً أم نساء فقد كانوا جميعا متشابهين وجوههم متورمة رمادية اللون ، شعرهم منتصب ، وكان الناس يندفعون إلى النهر رافعين أيديهم إلى أعلى يئنون من الألم ، أحسست بنفس الرغبة مدفوعة الألم الذى استشرى فى جسدي بعد تعرضه لإشعاع حراري على درجة من القوة كانت كافية لحرق سراويلي .
وعندما عبرت جسر كوجن لم استطع التعرف عليه فقد كان سوره المقام من الحديد المسلح لا وجود له . وأصبح الجسر آيلا للسقوط غير مأمون الاجتياز وكانت تطفو تحته الكثير من الجثث التى تبدو كأنها جيف كلاب أو قطط عارية تماما من الثياب إلا من بعض الخرق البالية . وكان ثمة امرأة ترقد فى المياه الضحلة القريبة من الشاطئ ووجهها للسماء وقد تمزق ثدياها وانبثق منها الدم ، ياله من منظر مريع كيف يحدث مثل هذا الشيء الفظيع فى العالم .؟ أن الحكايات الخيالية المفزعة التى كانت تقصها على جدتى بدت متواضعة بجانب ما أراه ماثلا أمام عينى ."
*****
القاهرة فى 7 اغسطس 2016

31 يوليو 2016

محمد سيف الدولة يكتب:هل غيرت الاجهزة السيادية عقيدتها تجاه اسرائيل؟


نشر الدكتور/ طارق فهمى مقالا فى جريدة الشروق المصرية يوم السبت 30 يوليو 2016، بعنوان "التطبيع والسلام المصرى الجديد مع اسرائيل".
تضمنت المقال، ذات الدعوات التقليدية عن اهمية السلام والتطبيع المصرى مع اسرائيل.
ولكن ما يميز هذا المقال هو ان كاتبها هو رئيس وحدة الدراسات الاسرائيلية فى مركز وثيق الصلة بالأجهزة السيادية هو " المركز القومى لدراسات الشرق الاوسط" ورئيسه هو اللواء دكتور/ محمد مجاهد الزيات.
وهو ما يضفى على المقال اهمية خاصة، من حيث انها على الاغلب تعبر عن وجهة نظر تتبناها الجهات المذكورة، او على اقل تقدير، ترغب فى اختبار ردود الفعل السياسية والشعبية على ما ورد فيها، خاصة بعد الدعوة الى "السلام الدافئ" الذى وجهها السيسى.
***
تستحق المقال ان تقرأ بعناية (مرفق رابطها)* ولكن أهم ما ورد فيها فى تصورى ما يلى:
لقد استقرت معاهدة السلام، ولا يجب ان تُختصر العلاقات دائما فى إطارها الأمنى والاستراتيجى، دون أن تمتد إلى إطار أوسع من حيث المصالح والاستراتيجيات فى المنطقة (تطوير العلاقات)
هناك حاجة ملحة لتحديد نمط العلاقات المصرية الإسرائيلية، من الأمن إلى الاقتصاد، ومن الاستراتيجية إلى الاستثمار.(من التحديات الى الفرص! )
·لا يجب ان نخشى إسرائيل أو نهابها أو نرفض الدخول معها فى مساحات من الاشتباك العلمى والأكاديمى والاستراتيجى، فمصر لديها مناعة وطنية كبيرة وحائط صد من المعطيات الراسخة فى كل المجالات. (لا تخشوا التطبيع)
· تطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية ليس معناه التطبيع فقط كما يفهم البعض، وإنما إعادة هيكلة العلاقات من جديد مع الحفاظ على النجاحات التى تمت، وخلق حالة أمنية واستراتيجية جديدة فى سيناء تتجاوز الدعوة إلى إجراء تعديلات فى البروتوكول الأمنى والاستراتيجى. (شراكات امنية واستراتيجية)
· يجب ان نتقدم برؤية ومسار حقيقى وشامل لتطوير العلاقات الثنائية لتحقيق أعلى عائد سياسى متوقع على أن يكون الهدف الأساسى توظيف وتنمية العلاقات مع إسرائيل لصالح العلاقات الثنائية أولا ومع الجانب الفلسطينى ثانيا.(مصر هى الهدف وليس فلسطين)
·أن فرص التأثير فى الدوائر الأمريكية يمكن أن تنطلق من تنمية أسس العلاقات مع إسرائيل (اسرائيل هى بوابة ومفتاح تطوير العلاقات مع امريكا)
· يجب أرضية جديدة للعلاقات بين الأطراف المصرية والإسرائيلية والأمريكية معا ولحسابات خاصة بأمن الجميع وليس أمن طرف على حساب طرف آخر(الأمن المشترك)
· إعادة النظر فى بعض الملفات الاقتصادية يتطلب قراءة واعية لما تم وعدم التوقف عن ما يتردد عن الاختراق الإسرائيلى والرغبات الإسرائيلية فى زيادة المنتج الإسرائيلى، والانفتاح على مناطق جديدة خارج الكويز، خاصة أن مصر فى حاجة لتطوير مشابه فى مسار العلاقات مع الولايات المتحدة والخاصة بتنمية الأفكار الخاصة بالمعونات العسكرية واستحداث أفكار ورؤى جديدة بشأن تعاون جديد على أسس واقعية ربما تكون إسرائيل حاضرة فى بعض تفاصيله فى المرحلة المقبلة.(استلهام تجربة الكويز فى تاسيس مزيد من المشروعات المصرية الاسرائيلية الامريكية المشتركة)
· التعامل المصرى فى الملف الفلسطينى سيحتاج إلى أدوات حركة مصرية حقيقية ستتطلب عقد لقاءات وإجراء تشاورات ( هل هذا تمهيد لزيارة نتنياهو للقاهرة؟)
· إن مصر الرسمية والشعبية عليها أن تراجع نفسها، ويجب أن يكون هناك معرفة جيدة بما يدور فى إسرائيل فى الوقت الراهن من توجهات الرأى العام وحركة الأحزاب واستطلاعات الرأى العام ومواقف القوى الصاعدة فى المجتمع، ومن مصادر مباشرة تتجاوز التعامل العابر والهامشى من ترجمة سطحية لبعض الأخبار فى بعض الصحف أو المواقع الالكترونية غير المتخصصة، وهو ما انشغل به البعض والذى عزف عن التعامل مع إسرائيل، واكتفى بالشكليات (تواصلوا وطبعوا معها لتتعرفوا عليها)
·علينا أن نخرج من حالة الارتكان للواقع الراهن فى العلاقات مع إسرائيل وأن نشتبك فى منظومة كاملة من التفاعلات تتجاوز المجال الأمنى والاستخباراتى ــ وهو أمر مستقر ــ إلى مجالات أرحب وأوسع بما يخدم الحركة المصرية ليس فى الإقليم وإنما أيضا فى المحيط الدولى.(العلاقات مع اسرائيل ستدعم مصر اقليميا ودوليا)
· إن القطاعات المصرية الرافضة للسلام مع إسرائيل يجب النظر إليها أنها قوى وطنية لا تزال مؤمنة بفكرتها، ولكن ستحتاج إلى مراجعة ولو مرحلية فى حال قبول إسرائيل الخروج من الأراضى المحتلة، والموافقة على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، حيث ستنتفى مبررات رفض إسرائيل(راجعوا مواقفكم).
·يجب على مصر ان تطرح مبادرة شاملة ومتكاملة للرئيس السيسى، وليس تسويق أفكار للآخرين سواء كانت المبادرة العربية أو المبادرة الفرنسية بعد أن تكون القاهرة قد التقت بكل الأطراف المعنية على أرضية التسوية المقترحة. (مبادرة مصرية تتجاوز المبادرة العربية وتقبلها اسرائيل)
***
كانت هذه بعض الرسائل التى وردت فى المقال المذكور، والتى يمكن التعقيب عليها فيما يلى :· ان الارض القائمة شرق الحدود الدولية المصرية هى فلسطين من نهرها الى بحرها، اما اسرائيل فهى كيان استعمارى استيطانى عنصرى باطل لا يجوز الاعتراف به او الصلح والتطبيع معه، يحمل مشروعا معاديا لمصر وللامة العربية بقدر استهدافه لفلسطين، وان الاختلال الحاصل فى موازين القوى الاقليمية والدولية منذ بضعة عقود لا يبرر الاعتراف بشرعية الاحتلال، والتفريط والتنازل عن اى جزء من فلسطين.
· ان المعاهدة التى وقعتها مصر مع اسرائيل غير مرحب أو معترف بها من غالبية الشعب المصرى وقواه الوطنية الحقيقية، وأى استرجاع لمشاهد المظاهرات المحاصرة لسفارة اسرائيل بعد الثورة قاطعة الدلالة على ذلك، ولا يجوز بأى حال من الأحوال استغلال وتوظيف التقييد الحالى للحريات، والقبضة البوليسية، وحصار المعارضة والقوى السياسية، لتمرير اتفاقيات وتفاهمات جديدة مع اسرائيل، لن يكتب لها الحياة والاستمرار بمجرد استرداد الشعب والقوى الوطنية لحرياتها.
· وحتى من المنظور الرسمى، فلقد كان هذا سلام بالاكراه ولا يزال، فلا يصح الحديث عن استقراره لما فى ذلك من قبول واستمراء وخضوع لأدوات الاكراه. سلام تم تحت تهديد احتلال قوات العدو لسيناء عام 1967، ورفض مجلس الامن بقيادة امريكا لاصدار قرار بانسحابها بدون قيد او شرط كما ينص ميثاق الامم المتحدة، ثم الدعم المالى والعسكرى الامريكى اللامتناهى لاسرائيل، والتدخل فى حرب 1973 للحيلولة دون تحقيق نصر عسكرى كامل.
· كان الموقف الغالب للدولة المصرية وأجهزتها السيادية على الدوام، هو حصر التطبيع مع اسرائيل فى الحدود والدوائر الرسمية، مع تشجيع ومباركة، عن بعد، للرفض الشعبى للتطبيع. وكل الاتفاقيات الاقتصادية التى خرجت عن هذه القاعدة كاتفاقية الكويز واتفاقية تصدير الغاز لاسرائيل تمت تحت الضغوط الامريكية.
فما هى المستجدات التى دفعت الدولة باجهزتها السيادية الى تغيير عقيدتها الامنية والاستراتيجية تجاه اسرائيل؟
· ان رفض التطبيع المصرى والعربى مع اسرائيل لم يكن بسبب الخوف من الاختراق الاسرائيلى، بقدر ما كان بهدف الاستمرار فى حصار اسرائيل وإضعاف اقتصادها ودولتها وعدم تشجيع مزيد من دول العالم على انهاء مقاطعتها لها، بالاضافة الى ان قبول اسرائيل فى المنطقة والاعتراف والتطبيع معها من قبل الشعوب العربية، سيشجع وينمى من الهجرات اليهودية اليها، التى لا تزال ترى كثيرا منها، فى رفض ومقاطعة شعوب المنطقة لها، مؤشراعلى تعثر المشروع واحتمالية فشله ونهايته.
· كما أن رفض التطبيع الشعبى والتأكيد على الطبيعة العدوانية للمشروع الصهيونى، كانت على الدوام احد الثوابت الوطنية التى نحرص على تنشئة الاجيال الجديدة عليها وتوريثها، انتظارا لتغير الظروف وموازين القوى فى يوم من الايام، وعودة مصر الى موقعها القيادى فى مواجهته. 
·ان قبول ودمج واستقرار ونجاح اسرائيل فى المنطقة سيشجع كل الجماعات والتيارات الطائفية فى المنطقة، على ان تحذو حذو المشروع الصهيونى، فى محاولة الانفصال وتأسيس دويلات مستقلة لأصحاب الديانات او المذاهب أو الاعراق المختلفة، دويلات سنية وشيعية وكردية ومارونية وقبطية ..الخ، وهو ما بدأت بشائره بالفعل بعد كامب ديفيد.
· ان شرعية النظام المصرى ودولته، اهتزت كثيرا منذ تم الصلح مع العدو الصهيونى، ومنذئذ حتى اليوم، لم ينجح اى نظام او رئيس فى اكتساب الشرعية الوطنية التى تفوق وتسمو على الشرعية الدستورية، لأنه يستحيل تأسيس دولة او نظاما أو استقرار طويل المدى، على قاعدة الاقرار بالعجز عن المقاومة والانتصار على العدو الاستراتيجى الاول للامة، والخضوع له والقبول بوجوده على ارض عربية محتلة.
· ان حالة التفكك التى ضربت مصر والدول العربية، وادت الى كفر قطاعات من الشباب بالهوية الوطنية والقومية، والبحث عن هويات وانتماءات اخرى، طائفية او قبلية، وتطورها فى السنوات الاخيرة الى حروب اهلية واقتتال عربى/عربى كانت من اخطر آثار حالة الانهزام والاستسلام العربى للمشروع الصهيونى والقبول بالتعايش والسلام معه فما بالنا اذا استجبنا لهذه الدعوات لبناء تحالفات استراتيجية وامنية واقتصادية واقليمية مع اسرائيل.
·رغم التبعية التى كان غارقا فيها نظام مبارك، الا ان احد الاهداف الرئيسية له حينها كانت بمطالبة الولايات المتحدة الامريكية بتحرير العلاقات الثنائية المصرية الامريكية من اسرائيل، حيث كانت المعونة العسكرية واتفاقيات الكويز والغاز والبترول وغيرها، تصر على نسج علاقة زواج كاثوليكى ثلاثى. وهى نفس الخطيئة الذى يطالب بها المقال من الرهان على اسرائيل كبوابة هامة ورئيسية لتطوير العلاقات المصرية مع امريكا.
·ان المشروع الوطنى العربى وفى القلب منه المشروع الوطنى المصرى يتناقض جذريا مع المشروع الصهيونى، مصريا وعربيا واقليميا ودوليا، بل ان مجرد بقاء هذا الكيان على حدودنا الشرقية هو تهديد دائم لوجودنا ذاته، وبالتالى فان اى حديث عن ادوار اقليمية ودولية " مصرية اسرائيلية" مشتركة هو فى حقيقته انحياز الى المشروع الصهيونى ودعوة لتوظيف الدولة المصرية للتخديم عليه والدفاع عن شرعيته والترويج والتمهيد لدمجه فى المنطقة.
· كما ان الدعوات الى توسيع السلام مع اسرائيل ودمجها فى المنطقة يوجه ضربة قوية لأى جهود نجحت فى تكوين راى عام اوروبى وعالمى مناهض لسياسات وإجراءات الاحتلال الاسرائيلى.
· ان الحديث عن مبادرة مصرية للسلام مستقلة عن المبادرة العربية تقبلها اسرائيل ويرحب بها نتنياهو، هو حديث يثير القلق والشك من ان يكون فيه تمريرا وتمهيدا للمطالب الاسرائيلية الاخيرة بتعديل المبادرة العربية والتخلى عن حدود 1967 والاصرار على يهودية الدولة وتبادل الاراضى ورفض حق العودة واعتبار القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل. (مع التاكيد بطبيعة الحال أن المبادرة العربية كانت هى نفسها كارثية بما تضمنته من تنازل عن 78% من ارض فلسطين.)
·واخيرا اتمنى على اصدقائنا من الاكاديميين والخبراء الاستراتيجيين، وعلى مراكز الدراسات والابحاث المستقلة أو القريبة من الدولة واجهزتها السيادية، أن يراجعوا أنفسهم وأن ينأوا بأنفسهم عن القيام بأى أدوار أو تكليفات تطعن فى ثوابتنا الوطنية المستقرة وجدانيا والمختبرة علميا وتاريخيا.
*****
القاهرة فى 31 يوليو 2016

30 يوليو 2016

حمد نـزال يكتب :العالم اليوم



أمريكا: سيتحتم على الناخب، قريبا أن يختار بين “النصّابة – هيلاري“ أو “المهرج – ترامب “. أرجح أن يصير المهرج رئيسا فمعظم البيض من غير المتعلمين يساندونه ويشكلون 30 بالمئة من مجمل الناخبين. فوز النصابة سيعني على الأقل أربع سنوات من اللون الممل الباهت سيأتي بعد ثمان سنوات من اللون الرمادي المحايد للرئيس أوباما وهي ألوان لا تبعث على الفرح أو الإثارة. هم أبناء المؤسسة وشذوذهم المؤقت إلى الآن هو الملياردير السخيف سليط اللسان الذي كان قد أفلس شركاته أكثر من مرة. لفت نظري الزميل داوود الخطيب، وهو من قدامى عرب واشنطن أن الصهاينة في العاصمة مذعورين من إمكانية فوز العجوز الأبيض وبأن فرائضهم ترتعد؛ إن ظل هذا صحيحا، فحري بعرب أميركا أن يحولوا بوصلتهم.. المهرج خير من المحتالة!
تركيا: سوس الناس وحكمهم معرفة عتيقة كان البحث عن مخطوطات المصريين- التي تحوي أسرارا – أولوية لدى كبار موظفي الإحتلال الفرنسي والقوى الأوروبية الآخرى التي هاجمت مصر قبل 300 عام. فهم عواطف القطيع تساعد على سوقه؛ كأن المسلسل التركي الشهير “مهند ونور “ والذي دخل كل بيت عربي وتركي كان بالون اختبار من أجل “التمكين “ الذي يبرع به السلطان أردوغان، بعكس المصري خيرت الشاطر.
ملايين العرب منساقون للبطل المؤمن القوي الحريص على القضايا العربية والذي يظهر بلا انقطاع في الجزيرة، إنه صلاح الدين. الجمهور العريض من الموالين للإخوان المسلمين يظنون أنهم يفعلون خيرا، قلة فقط على علم بهيكلية التنظيم وأوامر المجلس الأعلى له الذي ينعقد من خمسين عاما في العاصمة البريطانية. أردوغان تعلم درس في التمكين من الرئيس المصري (الدمية) محمد مرسي الذي بدأ عهده بعزل آلالف القضاة وكبار الموظفين واستبدالهم بمناصرين وأعضاء في التنظيم. ثم نحو عشرين ألف تلميذ عسكري جلهم من أبناء جماعة الإخوان.. كل هذا في عام واحد. هوذا السلطان يضرب كل العصافير بحجر واحد: يشذب شجرة الجيش القديمة ويقطع بعضا من أركانها الكبرى لكي يرى نور الله؛ يسجن، وسيعدم أنصار حليفه السابق وأحد معلميه (غولن) وعددهم بالالف وهم رفاق سابقون له؛ وسينفذ رؤية الرب باستعادة أملاك الشام للإستانة.
يتحمل السلطان، الذي يمارس سرا وعلناً– ومثله إيران- كل أنواع البغاء مع تل أبيب مسؤولية عظمى في خراب حلب التي كانت صناعاتها أجود من تلك التركية أو تلك الطالعة من دبي. مسؤولون من أنقرة على ارتباط وثيق بنجل أردوغان قاموا بالإشراف على تفكيك ونقل كبار المصانع الحلبية إلى تركيا.
هو العهد الذي يدعو المؤمن فيه للكفر والكافر يدعو للإيمان.. ستكفروا بالسلطان حين يصير له كرش مثل صاحبه مهند.
الأردن: أمتدح صديق عراقي مقيم في الإكوادور تلك الإجراءات الحكومية الأخيرة بشطب أسم العائلة ومنح المثليين حقوقا ثم طلب تعليقي فقلت: إنك كمن يستخدم “كيلة “لإخراج الماء من زورقك المعطوب! لقد اتسع الرتق على الراقع.
فلسطين: ليست فتح أو حماس راغبتان في المصالحة. القطيعة ملائمة للمحتالين. أبومازن هو غورباتشوف فلسطين، وعلى قادة الميدان في حماس وغيرها أن يثبتوا أنهم فصائل مقاومة وطنية بعيدة عن الإرتباطات الأجنبية. لقد فعلوها أكثر من مرة، ففي الحرب الأخيرة رفض الميدان شروط الهدنة التي أملاها عليهم خالد مشعل، وهو الذي صنعت منه إسرائيل والاردن بطلا عندما قيل أنه سمم في عمان أواخر التسعينات ثم أمر الملك الراحل الحسين تل أبيب بإحضار الترياق فتشافى هذا “الفدائي”.
الفدائي اليوم، يتيم بعد رحيل الختيار. .. لكن؛
بفضل ترسانة الصواريخ لدى المقاومة العربية (حزب الله وحماس وبقية الفصائل الفلسطينية) وتقنية حرب الأنفاق، صار بالمقدور هزيمة إسرائيل عسكريا.. اليوم ومن غير الحاجة لأي جيش. إسرائيل قطعان من الإنتهازيين جمعهم الطمع وسيفرقهم الرعب. إن استمرار تساقط الصواريخ على مدن الدولة العبرية لأشهر، ومن جبهات لبنان وغزة والضفة (نعم الضفة فيها فدائيون) ومن الأردن ومن مصر هو السيناريو الأمثل للخلاص من الدولة العبرية… سيهرولون إلى سفن عملاقة تعيدهم من حيثما جاؤا، فمن هو المجنون الذي يمتلك جوازا أوروبيا ويرضى العيش في الشرق الأوسط، وكل الأخوة اليهود لديهم جوازات سفر غربية.
سيناريو المعركة الأخيرة: بصرف النظر عما تبديه الكثير من الجماعات المسيحية الغربية من تعاطف ومساندة مع الدولة العبرية، إلا أن الكثير منها ما زال يحملها مسؤولية قتل السيد المسيح إبن الرب وكلمته. وأحد أركان الإيمان لدى بعضها يقوم على أساس تجميع اليهود في أرض الميعاد وبأن ظهور المسايا المخلص لن يتم من غير تجميعهم في فلسطين، وسيكون خيرا لو أن اليهود يقتلون ملايين المسلمين وُيقتلون هم أيضا في معركة كبرى تسمى أرمجدون. يدرك حكماء بني اسرائيل ذلك، فتجدهم –وإن كانوا قلة- معارضين للدولة الصهيونية التي ستقدمهم للمذبح.
مصر: قدر الفيل المصري العملاق أن يقوده قزم. الجنرالات الذين لم يخوضوا حربا واحدةً إلا على أبناء جلدتهم كلهم من أصحاب العلام في أكاديميات واشنطن ولندن العسكرية، إنهم يعرفون تماما تلك الضرع التي تشبعهم حليبا. لقد سقطت القاهرة وبغداد ودمشق وصنعاء وتونس والخرطوم وغيرها وهي كلها تحت حكم العسكر.
البابا فرانسيس: ثمة تناقض جوهري بين الدين والسياسة، الأخيرة فيها رياء وكذب والكثير من الكلام الحشو لإرضاء القطيع. لذلك، لا يتوجب على رجل الدين أن يمارس السياسة إلا إن خلع عباءة المشيخة وعمامة الفقه.
 صحيح ذاك الصادر عن البابا فرانسيس مؤخرا (قوله: العالم في حالة حرب لكنها ليست حربا دينية بل حرب مصالح)، لكنه لم يقنعني بضآلة دور مؤسسته فاحشة الثراء – كما كل المعابد – بأحداث العالم اليوم سيما بعد ذاك الصيت الشهير لمحاور حكم الكون المثلثة والموجودة كلها في أقاليم ذاتية الحكم لا تخضع للسلطة المركزية في بلادنها، إنه التحالف الذهبي لندن – واشنطن -الفاتيكان.ِ
الإرهاب: اللقطة الشهيرة التي جمعت زعماء العالم في مظاهرة كبرى أثناء تشييع ضحايا الإرهاب في باريس قبل عام ونيف أخافتني. تمعنت النظر في وجوه القادة فخفت فدعوت: يا خافي الألطاف نجينا مما نخاف. إن كان هؤلاء هو الجيدون أعاننا الله على السيئين! حالة الحرب ليست جديدة في هذا الكوكب، فمنذ جريمة قابيل وهابيل الأولى ونحن نعاني من عته البشر وجنون الإنسان ورغبته في حرق الكون ليمجد صورته ويرسم ألهته بالذهب فقط وفوق كل خراب. ندرك اليوم، أنه حتى وإن ظهر نبي جديد وحد الديانات وأمنت به كل البشر، فلن تنتهي خصوماتهم ولا الحروب.

* حمد نزال: صحفي مستقل مقيم في واشنطن
hamad.nazzal@gmail.com

22 يوليو 2016

مشهد إعدام الرئيس التركي عدنان مندريس على يد الانقلابيين

https://www.facebook.com/abdelfattah.fayed.5/videos/1276145162396677/


مشهد إعدام الرئيس التركي الأسبق عدنان مندريس على يد الانقلابيين
كانت بعض مبررات الانقلاب أنه أدى فريضة الحج ويصلي
المشهد يضاهي الحقيقة من أحد الأفلام التركية

د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب: نور الدين زنكي القائد المفترى عليه




براءةٌ من الله ورسوله، ومن المسلمين خاصةً ومن المؤمنين عامةً، ومن بني الإنسان كلهم أجمعين في جهات الدنيا الأربع، من الأحياء والأموات ومن الأجيال القادمة إلى يوم القيامة، ومن الناطقين بكل لسان والساكنين في كل أرض، ومن المؤمنين بكل مقدس والمتعلقين بكل أمل، ومن المتعلمين والأميين، والمثقفين والجاهلين، ومن كل ذي لبٍ وعقلٍ، وقلبٍ وفؤادٍ، براءةٌ مطلقة من كل قاتلٍ ومعتدي، ومن كل ظالمٍ ومفتري، ومن كل مستعلي ومستقوي، أياً كانت جنسيته ودينه، ومذهبه وهويته، وثقافته وجهالته، وعلمه وسخافته، وهداه وضلاله، وحقه وباطله، ما دام قاتلاً يقطر الدم من سيفه، وظالماً لا يميز الحق ولا يستبين الهدى، ويحمل في عنقه المسؤولية عن أرواحٍ زهقت، ونفوسٍ قتلت، وأسرٍ حرقت، وبيوتٍ دمرت، وشعوبٍ شردت، ومستقبلٍ ضَيِّعَ، وبلادٍ تمزقت، وحرياتٍ فقدت، وكرامةٍ هتكت، وسيادةٍ نقضت.

بكل ما في اللغات كلها والأبجديات على تعدادها من كلمات الغضب، ومعاني الوجع والألم، والضيق والحزن، نبدي استنكارنا الشديد وتنديدنا العارم لما قامت به شرذمةٌ قليلةٌ غير محترمةٍ من مدعي الإيمان والإسلام، من المقاتلين زوراً وبهتاناً من أجل العزة والحرية والعدالة والكرامة، من حملة السلاح الملوث، العابثين بالأرواح والدماء، والمستهترين بالحياة والإنسان، الثائرين الضالين، الماضين بلا هدف، والسائرين على غير هدى، ممن تجمعهم الضلالة، وتوحدهم القوة الظالمة.

ألا إن القائد الفذ عماد الدين زنكي حامي مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وموحد جيوش الأمة الإسلامية، الصابر المحتسب، البكاء العابد، الخائف الوجل، التقي الورع، ألا إنه برئٌ من هذه المجموعة الضالة التي تحمل اسمه، وترفع رايته، وتدعي القتال فيه شرفاً، وتتيه فخراً أنها تنتسب إليه، وتحمل فكره، وتعلي رايته، وهو منها براء، وعليها غاضب، ولعملها غير راضٍ، فهذا قائدٌ عظيمٌ من قادة الأمة الكبار، ومن رجالها الأماجد الثوار، ما كان ليرضى بما قامت به هذه العصابة المتوحشة، التي تدعي زوراً انتماءها إلى الإسلام ديناً، وانتسابها إلى أحد قادته العظام نموذجاً.

بل إنه يلعنها ويبرأ منها، ويستحي من الله عز وجل أن يذكر اسمه معها، وأن يستغل المجرمون الضالون لاسمه الشريف وعلمه الرفيع وهدفه النبيل، ليسوقوا من خلاله جرائمهم، ويرتكبوا باسمه موبقاتهم، ثم يدعون أنهم مسلمون موحدون، ووسطيون معتدلون، لا يظلمون ولا يعتدون، ولا يتطرفون ولا يتشددون، بل يتقون الله ويخافونه ويخشون عقابه، ويراقبون أنفسهم وأتباعهم خشية المعصية والزلل، والجريمة والخطأ، وهم أكثر من يعلم أنهم يكذبون ويفترون، وينافقون ولا يصدقون. 

ليست المشكلة أن هذه المجموعة التي يبرأ الله منها ومن عملها، أنها ذبحت صبياً فلسطينياً صغيراً بريئاً جريحاً ضعيفاً أسيراً، غريباً لاجئاً باكي العين كسير النفس يسألهم الرحمة ويتوقع منهم الرأفة، بل إن جريمتها الكبرى أنها قتلت إنساناً فضلاً عن أنها ذبحت صبياً.

إنهم مجرمون أياً كان ضحيتهم، فلسطينياً أو عربياً، مسلماً أو مسيحياً، مؤمناً أو وثنياً، طالما أنه إنسانٌ ومن حقه العيش والحياة، فإن الإسلام لا يقبل منهم ما قاموا به، ولا يشجعهم على الجريمة التي اقترفوها، بل إن الدين يدعو للقصاص منهم، والانتقام من فعلتهم، وعدم السكوت عن جريمتهم، وعلى كل قادرٍ أن يحفظ وجوههم وأن يذكر أسماءهم، وأن يلاحقهم ولو تابوا، ويعاقبهم ولو ندموا، ويقتص منهم ولو أبدوا حزنهم وأسفهم، فهؤلاء مجرمون لا نقبل في الدنيا توبتهم، ولا نرضى بأوبتهم، ولا نغفر لهم زلتهم، ولا نسكت عن جريمتهم ولو أدعوا أنهم أجبروا على ما فعلوا، وأرغموا بالقوة على ما قاموا به، فهذا لا يبرر جرمهم، ولا يخفف عنهم سوء فعلهم وفحش سلوكهم.

إن الذين ذبحوا الصبي عبد الله عيسى مجرمون ولو بدت وجوههم جميلة، وأشكالهم وسيمة، وأجسامهم معتدلة، وألسنتهم غير معوجة، وشعورهم مسرحة، ولحاهم مهذبة، بل إن نفوسهم مريضة، وقلوبهم عفنة، وصدورهم صدئة، وضمائرهم ميتةً، ونواياهم خبيثة، ولن يصلح عملهم ندمٌ أو توبةٌ، ولن يرضَ عنهم الملك العادل، ليث الملوك، أمير المؤمنين، نصير المستضعفين وهادم لذة الصليبيين، أستاذ ومعلم الناصر صلاح الدين الأيوبي القائد الهمام نور الدين زنكي.

لا يكفي أن تعلن هذه الجماعة أن هذه العملية لا تمثلها ولا تعبر عنها، وأنها فعلٌ فردي وتصرفٌ شخصي، وأنها ستقوم بتوقيف الفاعلين ومحاسبة المخطئين، وأنها لن تتوانَ عن محاكمتهم وعقابهم، ذلك أنها تؤمن بالله وتلتزم التعاليم الدينية والمفاهيم الإسلامية، وأنها تحترم الأعراف الدولية والمعايير الإنسانية، فإننا فضلاً عن أننا لا نثق بهذه الجماعات وأمثالها، فإننا لا نصدق هذه الوعود ولا نؤمن بها، ولا نعتقد بجديتها ولا بنزاهتها، ونرى أنها وغيرها موغلةٌ في الدم، وماضيةٌ في الجريمة، ولا تستوقفها مبادئ الإسلام ولا عدالة القوانين.

ليست هذه هي الجريمة الأولى ولا أظن أنها الأخيرة التي ترتكب في بلادنا العربية، وهي ليست من فعل المدعين أنهم يقاتلون تحت راية القائد الإسلامي العظيم نور الدين زنكي فقط، بل إن الذين يرتكبونها وأمثالها كثيرون، من مختلف الجماعات والفرق، ومن المقاتلين مع الأنظمة ومن المعارضين لها والمحاربين ضدها، إذ أن الجميع قد اقترف مثلها وارتكب أسوأ منها.

وكما نبرأ من هذه الجريمة البشعة وممن ارتكبها، فإننها نبرأ من غيرهم أيضاً، ونعلن استنكارنا لفعلهم ورفضنا لأعمالهم، ولا نقبل من أحدٍ أن يقوم بمثلها تقليداً أو انتقاماً، ترويعاً أو ثأراً، تخويفاً أو دفعاً لخطرٍ وصداً لهجوم، ولا مجال لتبرير هذه الجرائم، ولا قبول للغةٍ معتدلةٍ في استنكارها، ولا لوسطيةٍ في التنديد بها، ولا مكان لمدافعٍ عنها أو داعٍ إليها، وعلى الأمة كلها أن تلعن من يقوم بها، وأن تدعو الله أن ينتقم منه وأن يثأر للضعيف والمظلوم منهم، فلا براءةَ لقاتلٍ، ولا عدل مع ظالم، ولا عفو عن مجرمٍ.

أما من عاقلٍ يصرخ، ومن حكيمٍ يقف ويخطب، أننا لا نريد هذه الحروب التي شردت نصف شعوبنا، وقتلت ودمرت نصفه الأخر، وخربت بلادنا وسوت بالتراب أوطاننا، أما آن لهذه الحروب الضروس أن تنتهي، ولهذه الفتنة العمياء أن تتوقف، ولهذه الطاحونة التي لا تكل أن تهدأ، ولهذا الظلم العنيد أن يردع، فقد والله أصابت منا هذه الحروب العظم وأكلت منا اللحم، ولم يعد في الأمة كلها موضعاً إلا وأصابته بنارها وأدمته بجراحها، وأوجعته بآلامها، وكوته بنيرانها، وها هو سيل الدم لا يتوقف، ومسلسل القتل والجريمة لا يعرف له نهاية.



بيروت في 22/7/2016


20 يوليو 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: لماذا نرفض الانقلابات العسكرية؟

1) نرفضها لأنها تحتكر السلطة وتستأثر بإدارة البلاد، ولا تقبل اى مشاركة سياسية او شعبية، وتحكم بقوة السلاح وتنتهج سياسة فاشية و بوليسية، وتستقوي بالخارج الذى يمدها بالسلاح ويمنحها شرعيتها فى مواجهة الشرعية الشعبية والديمقراطية، وتتحول الى نظم تابعة لا محالة. ويعيش الناس تحت حكمها فى خوف شديد، لا يأمنوا على حياتهم او حرياتهم او ممتلكاتهم.
2) ولان الدولة ليست جيشا او مؤسسة عسكرية، لكى يحتكر العسكريون شئون الحكم فيها، وليس من المعقول او المقبول ان يمر الطريق الوحيد لحكم البلاد عبر بوابات الكليات العسكرية.
3) ولان قيام الجيوش بالدفاع عن ارض الوطن لا يعطيها الحق فى احتكار حكم البلاد.
4) ولان الشعوب والدساتير اختصت الجيوش بالحق فى التسليح دونا عن غيرها من المواطنين، من اجل الدفاع عن اراضى الوطن، وليس من اجل الاستيلاء على السلطة.
5) ولان تجاربنا مع الحكم العسكرى فى الوطن العربى بائسة، قادت الأمة، خاصة بعد 1973، الى الهزيمة والاستسلام للعدو الصهيونى ومزيد من الاحتلال والتبعية ومزيد من الفقر والتخلف، ومزيد من الفرقة والتقسيم التى انتهت بالحروب الأهلية والاقتتال العربى العربى.
6) ولأنه ليس صحيحا ان العسكريين هم اكثر فئات الشعب وطنية، فالوطنية صفة عامة لا تقتصر على فئة دون أخرى، وتاريخنا ملئ بالمفكرين والسياسيين والمناضلين الوطنيين من المدنيين، كما انه لا يخلو من عسكريين انتهكوا الثوابت الوطنية كما فعل السادات ومبارك فى كامب ديفيد والتبعية للامريكان.
7) ولأنها تستبدل ارادة الشعب صاحب السيادة على الأرض والدولة، بإرادة حفنة من الضباط، ولأنها تستبدل قدسية الوطن بقدسية الجنرال.
8) ولأنها تعصف بحقوق وحريات وكرامة المواطنين، ولأنها تسقط آلاف الضحايا من القتلى والمعتقلين والمطاردين.
9) ولأنها تخضع كل مؤسسات الدولة لمؤسسة واحدة فقط.
10) ولأنها تعطى السلطة لمن يحمل السلاح، وليس لمن تختاره الشعوب فى انتخابات حرة ونزيهة.
11) ولأنها تخلق نظاما عنصريا يسود العسكريين فيه على المدنيين.
12) ولأن من يأتى بقوة السلاح لا يمكن ازاحته الا بقوة السلاح مما يعرض الدول لمخاطرالحروب الاهلية
13) ولأن الدولة المستبدة التى يحتكر حكمها فئة واحدة، تضعف مناعتها، وتكون عرضة للكسر والهزيمة او الاستسلام والخضوع امام الضغوط الدولية، ودائما ما كانت الشعوب هى الأكثر قدرة على الصمود وهزيمة الاحتلال، فيما لو اختلت موازين القوى العسكرية.
14) ولأن القوى الكبرى والمنتجة للسلاح، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هى الأقدر على تدبير ودعم الانقلابات العسكرية فى العالم الثالث.
15) ولأنه بعد أن فجرت الشعوب ثوراتها، وقدمت الضحايا والشهداء ثمنا لحريتها، لا يمكن حبسها وإعادتها الى القمقم مرة أخرى، وادارتها كثكنة عسكرية.
16) ولأن المجتمعات البشرية قد استقرت اليوم على رفض وإدانة الانقلابات العسكرية، ولذا لا يجرؤ نظام او حاكم واحد فى العالم اليوم ان يعترف بإنقلابه، بل يتبارى الجميع بما فيهم قادة الانقلابات العسكرية على نفى هذه التهمة والوصمة عنهم، والادعاء بأنهم جاءوا بإرادة شعبية.
17) ولأن قادة الانقلابات العسكرية، لا يشغلون مراكزهم ويكسبون صلاحياتهم وهيمنتهم وفقا لأفكارهم ومواقفهم وانحيازاتهم الوطنية والشعبية والديمقراطية، وانما وفقا لمواقعهم القيادية ورتبهم العسكرية.
18) ولأن قبول مبدأ تغيير الانظمة عن طريق الانقلاب العسكرى ولو مرة واحدة، سيفتح ابواب جهنم للمزيد منها فى المستقبل.
19) لأنه لا ندية او مساواة او حوار او نقد او معارضة أو تعقيب أو مفاوضات أو حلول وسط مع قادة الانقلابات، فغير مسموح الا بالخضوع والإذعان التام، ولذلك فهى تطرد أفضل العناصر فى كل المجالات وتأتى بأردئهم.
20) ولأن تجارب الشعوب ودروس التاريخ اثبتت ان هناك طريقين لا ثالث لهم للوصول الى الحكم او لإسقاط النظم الفاسدة، إما الطريق الديمقراطى لمن استطاع اليه سبيلا، وإما الثورة اذا اغلقت أمام الشعب كل منافذ وقنوات الديمقراطية.
***
لذلك نرفض الانقلابات العسكرية كإسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، رفضا مبدئيا مطلقا، وليس رفضا نفعيا انتهازيا متغيرا وفقا لمصالحنا وتحالفاتنا فى كل حالة على حدا.
نرفضه حتى لو أسقط نظاما معادياً فى احدى الدول المجاورة، لأننا ببساطة لا نقبل ان تتدخل دول كبرى أو اقليمية لدعم انقلابات عسكرية تابعة وصديقة لها فى بلادنا؟
ونرفضه فى دولنا حتى لو جاء لاسقاط نظاما حاكما نعارضه، فكيف تستقر المجتمعات وتستقيم الحياة السياسية فيها، اذا قرر كل منا أن يستدعى الجيش، فى اى وقت، لمواجهة خصومه السياسيين، وكيف نأمن ونضمن أن الانقلاب التالى لن يسقطنا نحن ويعيد خصومنا؟
***
ليست المسألة هى تركيا او أردوغان، وإنما هى الموقف المبدئى من الانقلابات العسكرية كاسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، فى أى مكان وفى كل الظروف.
مع أهمية التأكيد بطبيعة الحال على أن مدنية الحكم ليست هى الشرط الوحيد لرشده، فالاستقلال والوطنية والديمقراطية والعدل والنزاهة والعدالة الاجتماعية، هى شروط لا تقل اهمية عن مدنيته.
*****
القاهرة فى 19/7/2016

محمد أسعد بيوض التميمي يكتب: انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

مع غروب شمس أخر يوم من عام 1991 غربت معه راية الإتحاد السوفياتي الى الأبد, والذي كان عبارة عن القطب الثاني الشرقي في النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية المنافس للقطب الأمريكي الغربي,وبإنهيار الإتحاد السوفياتي أصبحت امريكا تستفرد في قيادة العالم وأصبح النظام الدولي يقوم على نظام القطب الأوحد, فنتيجة ذلك وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي بشهر تقريبا وفي بداية شهر شباط فبراير 1992 تداعت ست دول اوروبية الى اجتماع في مدينة ماسترخيت في هولندا من أجل تشكيل اتحاد يجمع الدول الأروبية لتعبئة الفراغ الذي أحدثه انهيار الإتحاد السوفياتي وليكون بمثابة قطب دولي منافس للقطب الامريكي وهذه الدول هي
(المانيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا ولوكسمبورغ وهولندا)
ثم انضمت لهذه الدول فيما بعد بريطانيا وبقية دول أوروبا الغربية ودول أوروبا الشرقية التي كانت تتبع المنظومة الاشتراكية التي كانت تتبع الاتحاد السوفياتي,ولكن عضوية بريطانيا بقيت غير مكتملة وكأنها عضوية شرفية,وأكبر دليل على عدم إكتمال العضوية هوعندما اختار أعضاء الاتحاد الأوروبي الاشتراك في نظام موحد لتأشيرات الدخول (الشنجن)رفض البريطانيون الانضمام وعندما تبنوا اليورو كعملة موحدة لهم اختار البريطانيون الاحتفاظ بالجنيه الاسترليني والحفاظ على سلطة بنك انجلترا المركزي في تحديد أسعار الفائدة وعدم الخضوع لقرارات البنك المركزي الأوروبي في تحديد سعر الفائدة,وكان هذا الرفض بمثابة سوء نية مبيته تطرح عدة علامات استفهام,فالذي يدخل الاتحاد ويوافق على الانضمام له يخضع لجميع القوانين,
فلماذا رفضت بريطانيا الالتزام بذلك؟؟
الجواب..
هو ما تبين عند انسحابها من الإتحاد أي انها كانت تُبيت نية الإنسحاب في اي وقت ,فبريطانيا لها وضع خاص داخل الاتحاد الاوروبي لا يلزمها بقراراته وكان هذا الوضع مرسوم لها من قبل الولايات المتحدة الامريكية لتكون بمثابة لُغم داخل الاتحاد الأوروبي لنسفه وتفجيره في لحظة ما عندما تجد الولايات المتحدة أن هذا الاتحاد أصبح يُشكل منافس حقيقي لها اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
فكان أول اختبار لهذا الاتحاد وقوته وعدم انصياعه وتبعيته للولايات المتحدة الامريكية واستقلاليته ومنافسته لها ولدور بريطانيا فيه وتبعيتها لأمريكا وبأنها ذراعها السياسي داخل الإتحاد كان أثناء استعداد الولايات المتحدة لغزو العراق عام 2003
حيث ان وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد يومذاك طاف على جميع دول الاتحاد طلبا منهم الدخول بحلف مع امريكا في الحرب على العراق أوعلى الأقل تغطيتها بقرار من هيئة الامم المتحدة او تأييده سياسيا وذلك اضعف الإيمان,ولكنه جوبه بالرفض ولم تنصاع لهذا الطلب إلا بريطانيا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي استجابت لطلبها واشتركت معها في الحرب,فكان ذهاب بريطانيا مع امريكا الى العراق على طريقة الكلب الذي يتبع سيده,حتى ان جون بريسكوت نائب رئيس الوزراء البريطاني انذاك توني بلير كتب مقالا في صحيفة صنداي ميرور بتاريخ 10/7/2016 يقول فيه
(ان بريطانيا خالفت القانون الدولي عندما شاركت في الحرب على العراق عام 2003 وان بلير قال لبوش سأكون معك مهما كان ) وبسبب موقف الإتحاد الأوروبي اضطرت امريكا أن تذهب الى غزو العراق دون الرجوع لهيئة الامم المتحدة ورداً على هذا الموقف صرح رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي يومئذ تصريحاً فيه استخفاف واحتقار لأوروبا حيث قال
(( ان أوروبا قارة عجوز وأصبحت قديمة وعاجزة ))
مما أثار غضب الدول الأوروبية مما اضطر رامسفيلد للإعتذار,ولكن الولايات المتحدة الامريكية التي تريد أن تستفرد بالعالم دون منازع قررت أن تنتقم من الاتحاد الأوروبي ولو بعد حين,فأوحت الى رئيس وزراء بريطانيا المراهق ديفيد كاميرون بتفجير اللغم البريطاني المزروع داخل الاتحاد الأوروبي وجعله ينهار بواسطة إجراء استفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي دون مبرر لهذا الاستفتاء,وخصوصاً أن أمريكا من خلال مراكز الاستطلاع والدراسات والابحاث اكتشفت أن المزاج البريطاني العام ليس مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي,وبالفعل تم اجراء الاستفتاء فكانت النتيجة أن أغلبية الشعب البريطاني مع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي مما أحدث ردة فعل هائلة في أوروبا والعالم حتى أن هذه النتيجة وصفت بالزلزال السياسي والإقتصادي والإجتماعي الذي ضرب أوروبا والعالم,حتى أن خسائر البورصات العالمية وصلت حداً غير مسبوق أكثر من اثنين تريليون دولار.
ومن اجل إحتواء الموقف وتداعياته الخطيرة تداعت دول الاتحاد الأوروبي على وجه السرعه لإتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة هذا الحدث السياسي الخطير الذي نتج عنه تداعيات اقتصادية خطيرة جعلت بُنيان هذا الاتحاد يهتز بقوة وتم الطلب من بريطانيا استكمال اجراءات الانسحاب فوراً ودون تأخير ولإحتواء الموقف,حتى ان هذا الزلزال ضرب بريطانيا نفسه بقوة وشدة حيث أدى الى أن رئيس وزراء بريطانيا نفسه طار,حيث اضطر الى أن يُقدم استقالته من رئاسة الوزراء ومن رئاسة حزب المحافظين وهذا الزلزال قد يُعرض بريطانيا نفسها لخطر التفكك,
وبالفعل ها هي الاصوات بدأت تعلو داخل الاتحاد البريطاني في استكتلنده وايرلنده وويلز مطالبة بالانفصال عن انجلترا الام...
فانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو دخولها مرحلة الأفول والى الابد,ومن اجل أن يتحقق ذلك سلط الله عليها مجموعة من السياسين المراهقين صاروا يتناوبون على حكمها يتبعون امريكا ككلب الصيد,فيُطيعونها ما أمرتهم ولا يعصون لها أمر,فتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق الأن يُحقق معه على خلفية قضية دخول بريطانيا الحرب على العراق عام 2003 مع الولايات المتحدة الامريكية بقرار فردي منه ودون مبرر وهناك مطالبة بمحاكمته,وها هو كاميرون الصبي المراهق يغامربمصيره السياسي و بمصير بريطانيا نفسها فهو قد وضعها على طريق التفتيت والزوال.
ان بريطانيا دولة ظالمة وهي التي أسست للظلم والشر العالمي وهي وراء كل مصائب المسلمين ومصائب العالم فستبقى لعنة الأرض المباركة فلسطيينا الحبيبة تطاردها وتطارد سياسيها الأحياء والأموات,فهي عن عن جدارة تستحق لقب الشيطان الاكبر ,فزوالها هو زوال لهذا الشيطان وراحة للبشرية فلا ردها الله .
محمد أسعد بيوض التميمي
مدير مركز دراسات وأبحاث الحقيقة الإسلامية
الموقع الرسمي للإمام المجاهد الشيخ
اسعد بيوض التميمي رحمه الله
للإطلاع على مقالات الكاتب
مدونة محمد اسعد بيوض التميمي