08 فبراير 2018

محمد سيف الدولة يكتب: انتحار ابراهيم عيسى

Seif_eldawla@hotmail.com
حين يتهم ابراهيم عيسى فى برنامجه الجديد، حوش عيسى، على قناة وثيقة الصلة بالأجهزة الأمنية.. حين يتهم عمليات المقاومة الفلسطينية عامة بالعنف والارهاب ويشبهها بداعش، ويصف عملية ميونيخ 1972 على وجه الخصوص بالعملية الارهابية ويصف من نفذوها بالارهابيين(1)، وحين يحتفى الصهاينة به وبما قاله، ويستدلوا به على صحة اتهاماتهم للمقاومة الفلسطينية بانها ارهابا (2)، فاننا نكون للأسف الشديد بصدد عملية "انتحار وطنى" فى وضح النهار.
***
لم أشارك من قبل فى تحليل ظاهرة "عيسى"، بكل توافقاته أو مشاغباته مع السلطة، وبكل انتقاداته لها أو تغزله فيها، التى كانت تنتهى دائما بالعودة الى أحضانها واللعب على ارضها وفقا لقواعدها، فى وقت فرضت فيه الحظر والحصار الشديدين على آلاف من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والسياسيين الذين رفضوا التفاوض معها أو التنازل لها.
كما أن ظاهرة "المثقف برخصة" معتمدة من الأنظمة والسلطات توهبها أو تسحبها أو تجددها متى شاءت، هى ظاهرة منتشرة وكثيفة، لا وقت عندنا لمتابعتها والتعليق عليها، وان كان ابراهيم عيسى واحقاقا للحق، يتميز عن الكثير منهم بقدر أكبر من الثقافة والشطارة.
                                                                     ***
ولكن حين تمتد "شطارته" الى  تزييف وتشويه تاريخ و عمليات وحركات المقاومة للعدو الصهيونى، فان هذا يستوجب وقفة نذكره فيها بالثوابت والحقوق الوطنية، وبالحدود الفاصلة بين معسكرى الأصدقاء والأعداء:
1) ان المشروع الصهيونى هو أكبر مشروع ارهابى شاهده العالم فى العصر الحديث، يمثل العنف والارهاب ركنا اصيلا فى عقيدته وليس مجرد وسيلة. وهو ما يعلمه أى طفل فلسطينى وعربى يعيش بيننا، بدءا بمذابحه التى لم تنقطع فى فلسطين منذ عام 1948و حتى يومنا هذا، ومرورا باعتداءاته ومذابحه على مصر نفسها، ليس فى 1956 و1967 فحسب، بل فى غزة 1955 ومدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل وقتله للاسرى المصريين واسقاطه لطائرة سلوى حجازى، والقائمة تطول.
2) اضافة بالطبع الى عمليات القتل والاغتيال التى يقوم بها ضد القيادات الفلسطينية وانصار المقاومة فى أى مكان خارج الارض المحتلة ليس أولها اغتيال أبو جهاد فى تونس عام 1988، وليس آخرها اغتيال المهندس محمد الزواوى فى تونس ايضا عام 2016.
3) ناهيك عن اغتيال علماء الذرة المصريين والعرب على امتداد ما يزيد عن نصف قرن.
4) كما أن الصهاينة يشنون كل يوم غارات واعتداءات على من يرون فيهم تهديدا لأمنهم القومى، ضربوا المفاعل النووى فى العراق وضربوا مصانع فى السودان، ولا يزالوا يضربون سوريا كل يوم.
5)كما أنه فيما يتعلق  بالكيان الصهيونى على وجه التحديد، الذى له طبيعة غير مسبوقة من حيث هو استعمار استيطانى "احلالى"، لا مجال للحديث عن صهاينة ابرياء، او صهاينة مدنيين او صهاينة رياضيين، فكل صهيونى يعيش فى الارض المحتلة اغتصب مكان ومنزل وهواء ومضمار للركض كان يمتلكهم مواطن فلسطينى.
6) كما اننا حين نفرض حظرا على اللاجئين الفلسطينيين المطرودين من ارضهم، فى القيام بعمليات ضد (اسرائيل) خارج فلسطين، فاننا انما نحمى ونكافئ الصهاينة على تشريد اصحاب الارض الحقيقيين ونؤمنهم من العقاب ودفع الثمن.
7)   كما ان فى ذلك اعفاء لملايين اللاجئين الفلسطينيين من مسئولية وحتمية المشاركة فى معارك المقاومة والتحرير.
8) كما أن العدو الأصلى هو الحركة الصهيونية العالمية، التى تأسست قبل (اسرائيل) بنصف قرن وقامت بتأسيسها، ولا تزال تحشد لها الدعم والداعمين على مستوى العالم، فهى وشبكاتها ومراكزها وقياداتها واعضائها أهداف مشروعة للمقاومة والمقاومين ولو كانت تقع خارج الأرض المحتلة، وفى الادعاء بغير ذلك مطالبة بتأمين وحماية مصادر القوة الرئيسية الداعمة لدولة الاحتلال.
9)كما أن فى وصف المقاومة بالعنف والارهاب، انحياز الى ذات الادعاءات الصهيونية والامريكية، وترديد لذات خطابها الذى تطالب فيه برأس المقاومة الفلسطينية وبنزع سلاحها، توحد بينها وبين داعش كما ادعيت أنت فى برنامجك تماما.
10) ان ألف باء الصراع العربى الصهيونى، هو اننا نواجه مشروعا استعماريا كبيرا بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وقاعدتها العسكرية الاستراتيجة الرخيصة المسماة بـ (اسرائيل) ، والذي يستهدفون فيه تجريد العرب من السلاح ومن القوة والحفاظ على التفوق العسكرى لاسرائيل، وامدادها بسيول من الأموال والسلاح لنجاح مشروعهم، ويشنون علينا اليوم حملة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية فيما يعرف بصفقة القرن، فتأتى أنت لتشارك فى حملاتهم لإدانة المقاومة والعنف، وتجردنا أنت الآخر من الحق فى المقاومة وحمل السلاح، بدلا من أن تطالب بتوسيع دائرة المواجهة لتشمل (اسرائيل) ومن يقف وراء (اسرائيل).
***
وأخيرا أعتذر للقراء الأعزاء عن اضطرارى لتكرار مجموعة من البديهيات التى يعلمونها ويحفظونها عن ظهر قلب هم وأبناؤهم.
*****
الهوامش
القاهرة فى 8 فبراير 2018

ليست هناك تعليقات: