25 أغسطس 2017

سيد أمين يكتب: الذين آمنوا بثورة السيسي الدينية

الجمعة 25 أغسطس 2017 17:21
لعل من أهم ما كشفت عنه دعوة الرئيس التونسي فيما يختص بالمواريث وزواج المسلمة من غير مسلم، أن ثورة السيسي الدينية لا تخص مصر فقط بل تأتى في إطار خطة دولية منسقة لعلمنة الحياة وتجريدها من الاعتقاد الديني في الوطن العربي كافة.
ويدعم هذا الاحتمال تلك التصريحات التي أطلقها سفير دولة الإمارات العربية مؤخرا في واشنطن يوسف العتيبة في مقابلة على قناة "بي بي إس" (PBS) الأمريكية أن ما تريده الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين للشرق الأوسط بعد عشر سنوات هو حكومات "علمانية مستقرة ومزدهرة" وأن ذلك يتعارض مع ما تريده دولة قطر.
وتلا ذلك اعلان السعودية عن إنشاء إقليم البحر الأحمر على عدة جزر سعودية بدعوى تنشيط السياحة والاستثمار والتي تمتاز الحياة فيها بأنها تتحرر من القيم والقوانين المطبقة على باقي الأراضي السعودية التي تجرم الزنا ومعاقرة الخمور، ثم إعلان السعودية عن قرب اصدار4 قرارات تتعلق بالنساء في المملكة.
ووسط هذا الدفق، وكما أيدت الإفتاء التونسية التعديلات الدستورية، قام الدكتور حاتم الشريف عضو مجلس شورى السعودية بكتابة مقال يهاجم فيه التيار السلفي والوهابي ويقول انه غير معصوم من الخطأ، داعيا – وهذا بيت القصيد - إلى تحديد علوم الشريعة بما يواكب العصر ومؤكدا أن برامج التدريس والمناهج، إضافة إلى وصايا تعليمية، بُنيت في الماضي على إرهاب فكري.
كما لا يمكننا أن نعتبر أن جهر سعوديات مؤخرا بارتداء ملابس لم تكن معهودة من قبل في المملكة بطبيعتها المحافظة بعيد عن هذه الأحداث.

العلمنة والإرهاب

ورغم أن المفترض من مصطلح "العلمنة" هي الدعوة لسيادة "العلم" في المجتمع فإن تفسير قوى التبعية العربية له خاصة في مصر تؤكد أن حاملي تلك الدعاوى لا ينشرون علما ولا ينوون، بدليل دعمهم لـ"العلاج بالكفتة" ودخول عصر صناعة "الأستيكة" وإنشاء "أكشاك الفتوى" وأحاديث "أهل الشر"، فضلا عن قتلهم وسجنهم للعلماء والباحثين، ولكنهم فقط ينحرون قداسة أي مقدس في النفوس، ويزيدون من ارتفاع جدار الغفلة والاستكانة للاستبداد عبر شغل الناس بثقافة الرموش والأثداء والشذوذ، ودعم أي تمرد على الدين والأعراف والتقاليد والتراث، في نفس الوقت الذي يحاربون فيه أية مقاومة للاستبداد والظلم ولا يتورعون عن وصم فاعليه بالإرهابيين.
ولأن إقناع الناس بالتخلي عن مقدساتها أمرا شديد الخطورة والصعوبة، كان لابد من تشويه تلك المقدسات ووصم كل من يدافع عنها بكل مشين.
فقد ساء استخدام لفظة "الإرهاب" من فرط المتاجرة بها من قبل الامبريالية والنظم الاستبدادية ، وحدود ومواصفات العمل الإرهابي وملامح الإرهابيين - إن كانت لهم ملامح -ودوافعهم والمعيارية التي تمكننا من تصنيف هذا القتل بالعمل الإرهابي دون غيره من أعمال قتل تجري كل يوم بل وكل ساعة على ظهر كوكبنا، كما أن هناك اختلافات معيارية في مفهوم الأمن فمشكلة القوى عادة هي أنه يري أن الأمن لا يتوقف حينما يغطى حدوده وسلامته فحسب، بل يمتد إلى إخضاع إرادات الآخرين، أما الضعيف فهو لا يملك حتى حماية أمنه وسلامته، بل إنه يستجدى أمنه من سارقيه الأقوياء،وهو يدرك تماما إنه حينما يحاول انتزاع أمنه انتزاعا من دون أن تكون له قوة كافية تؤمن له تلك العملية فإنه سيتحول إلى إرهابي.
لذلك وجب علينا اعتبار الضعيف ضحية وليس جانيا، بل إن من يصمتون على سلب إرادته هم شركاء في الجريمة ضده.
ولو تتبعنا من وصمتهم الدعاية المتغلبة بالإرهاب في كل تلك الحوادث التاريخية الفارقة لاكتشفنا أنهم لم يكونوا قط القتلة، بل كانوا في الغالب المقتولين ولا أحد سواهم، كما أننا نجد أن القاتل هو من ذهب إلى الضحية في عقر داره ليقتله ثم بعد ذلك يشوه تاريخه ونضاله وينسب إليه الإرهاب.

نحر المقدسات

وبنصل حاد - وعلى خلاف الذبح البطيء في السعودية- يجرى نحر أي "مقدس" في مصر، فإذا كان هناك "بلطجي" خارج على القانون ومحطم لقيم المجتمع، هنا ستقدمه الدراما المصرية الرسمية بصفته المواطن المثالي، وإذا كانت سيدة خائنة لعفتها وزوجها وامتلكت القدرة لتجهر بعشق "الرفيق" هنا بالقطع سيحتفي الإعلام بذلك ويصدر الواقعة في مجملها كحرية شخصية، أما لو أقامت سيدة علاقة محرمة لدرجة أن وضعت منها سفاحا هنا ينبغي تقديمها كضحية للمجتمع.
كما يموت أو يعاني الآلاف من الفقراء في مصر سنويا جراء الإهمال الطبي في المستشفيات لا سيما الحكومية، لكن وفاة راقصة جراء هذا الإهمال كان هو وحده كفيلا بأن يهب البرلمان - المفترض انه منتخب من كل الشعب بما فيه الفقراء – ليخصص جلسة لوضع قوانين تعالج هذه الأزمة وتكافح الظاهرة.
لذلك فلم يعد مثيرا للاندهاش ولو حتى بمصمصة الشفاه في مصر، أن تكون الأم المثالية راقصة، ومقدمة البرامج الدينية راقصة، وتلك التي كلفها السيسي برفع الوعي الديني عند المصريين شبه راقصة.

للمسلمين فقط!!

كل يوم يقدم نظام السيسي دلائل جديدة على أن تجديد الخطاب الديني الذي يدعو إليه في إطار ثورته الدينية يتميز بخصيصتين اثنتين، أولاهما أنه يقتصر فقط على الدين الإسلامي دون سواه من الأديان، حيث لم نسمع منه مثلا مطالبته بتجديد الخطاب الكنسي أو دعوة الكنيسة لإيجاد تفسيرات جديدة للإنجيل أو إهمال زعامات دينية بعينها، ولم نسمع منه أيضا مطالبات بتجديد الخطاب اليهودي، أو تجديد خطابات أي عقائد أخرى في العالم - يعرفها الكثيرون - ترى أن قتل الناس عملا يستحق رضا الرباني.
وثانيتهما أن ما يجري في مصر الآن يصب في نتيجة واحدة وهي القضاء على مظاهر الإسلام في مصر، كما قضى عليه من قبل في نفوس شعوب كثيرة قبل أن تهزم عسكريا كما حدث مثلا في الأندلس والفلبين وغيرهما.
ورغم أن الإسلام لا يمنح وصاية لمسلم على مسلم أو بشر على بشر، نظرا لخلوه من التقديس والكهنوت، فإن المتدينين المسلمين دون سواهم هم المتهمون الجاهزون بمنح ومنع صكوك الغفران.
لقد بات معلوما أن الإسلام والمسلمين الآن في خطر حقيقي لم يألفوه من قبل

اقرأ المقال كاملا  على الجزيرة مباشر هنــــــــــــــــــــا

لكسر الحجب اتبع هــــــــــــــذا الرابط 


21 أغسطس 2017

ظلال متحركة ..نازك ضمرة في مركز دوم الثقافي

يحضر الأديب والروائي العربي الكبير نازك ضمرة في السابعة من مساء غد الثلاثاء 22 أغسطس حفل توقيع روايته "ظلال متحركة" في مركز  دوم الثقافي في 36 شارع عبد الخالق ثروت وسط القاهرة.
رواية الأديب الفلسطيني في المهجر يناقشها الأستاذ الدكتور احمد فضل شبلول أستاذ الأدب الحديث والناقد الأدبي عمر شهريار والناقد المسرحي عادل عدوي
يتخلل الحفل فقرة فنية مع عازفة العود الشهيرة بلقيس رياض.
الرواية صادرة عن دار ابن رشد للنشر والتوزيع 

10 أغسطس 2017

السفير د. عبدالله الأشعل يكتب : أزمة الشرعية فى نظم الحكم الجمهورى فى مصر

تختلف فكرة الشرعية legitimiteعن فكرة القانونية legaliteوأبرز مثال على الفاصل بينهما هو حالة إسرائيل فإسرائيل تتمتع بالطابع القانونى  الوضعي الذي يعكس ارادة قطبي القرار الدولي  موسكو وواشنطن بعيد الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة وهو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود رقم 181 فى 29 نوفمبر 1947 هذا القرار هو أساس الشرعية القانونية لإسرائيل ولكن هذا القرار نفسه يتناقض مع الشرعية وفكرتها لأن القرار توصية غير ملزمة وأنه يمثل تجاوزاً لاختصاص الجمعية العامة وفقاً للميثاق فكأن القرار عبر عن التوافق السياسى الدولى ولكنه أول انتهاك صارخ للشرعية الدستورية وفكرة الشرعية فى ميثاق الأمم المتحدة وهى الفكرة الذى كان الفقة التقليدى فى القانون الدولى يطلق عليها القانون الطبيعى الذى يحمى حقوقاً سابقة على التنظيم القانونى الوضعى مثل حق الدفاع الشرعى.
أما فى العلوم السياسية فإننا نفرق بين أساس شرعية الوصول إلى السلطة وبين سياسات هذه السلطة وأساس الشرعية فيها. فقد يصل الحاكم إلى السلطة وفقاً لأحكام الدستور والقانون ولكن تطبيق هذه الأحكام يشوبه البطلان القانونى إذا تم بأى صورة من صور التزوير وأحدث هذه الصور فى مصر هو هيمنة الحاكم على إنشاء السلطات وتشكيلها مثل مجلس النواب بحيث يشعر المواطن بأنه ليس مرجعية الاختيار وأن النائب سيكون نائباً عن الحاكم وليس عن الشعب الذى يحاسبه أو البرلمان الذى يحاكمه. أما شرعية سياسات السلطة فتستمد من مطابقتها لصحيح القانون والدستور وكذلك المصلحة العامة للوطن التى تعلو على مصالح النظام وأخيراً الرضى العام عن هذه السياسات . وهكذا يمكن تقسيم اسس الشرعية إلى عدة عوامل منها الشكلية الدستورية والقانونية ومنها الموضوعية وهى خدمة الصالح العام ورضى الناس بحيث يكون هذا الرضى أو السخط له أثر حاسم فى بقاء الحاكم من عدمه وهذا يتوقف على طبيعة الحكم ديمقراطياً أم دكتاتورياً.
إذا طبقنا هذه النظرية على نظم الحكم فى مصر لاتضح لنا أن النظام السياسى يختلف عن نظام الحكم النظام السياسى لا يعانى أزمة الشرعية لأنه نظام ينشئ بالإرادة الحرة للشعب من خلال الانتخابات الجادة وتتشكل المؤسسات بالارادة الحرة ويصير الحاكم خادماً للشعب ومحلاً للمسالة والحساب من الشعب نفسه ومن نوابه ومن الرأى العام وأخيراً من المحاكم ففكرة المسألة هى الفيصل بين نظام الحكم وبين النظام السياسى. ويترتب على ذلك أن نظام الحكم هو الذى يبحث عن الشرعية فما هى شرعية نظم الحكم فى مصر منذ عام 1952.
فى عصر جمال عبدالناصر استندت شرعية الحكم فى الواقع إلى ثورة 23 يوليو حيث هيمن النظام وأمم جميع مظاهر الحياة واعتبر أن هذا اليوم ولدت مصر فيه وأن ماقبله كان فساداً وخراباً واحتلالاً وقهراً للشعب وأن مصر قد ولدت يوم ولد الزعيم او ولد نظامه وهذا هو السبب فى مبالغة كتبة النظام فى الاساءة إلى الاسرة العلوية ماعدا محمد على. والحق أن نظام الحكم فى عهد جمال عبدالناصر تمكن بأدواته من توجيه الناس إلى ما يريد وبدى وكأنه حصل على شعبيه جارفة بدت فى الكثير من المناسبات ولكن جمال عبدالناصر لأمر ما لم يشئ أن يحول نظام الحكم إلى نظام سياسى يكون الشعب فيه هو مصدر الشرعية والسيادة. وعندما تولى أنور السادات بنى شرعية حكمه على التخلص من الارث الناصرى وكأن مصر كانت تحتاج إلى ما أسماه السادات ثورة التصحيح وربما قصد أن خلفاء عبدالناصر حرفوا ثورة 1952 فأراد بهذه الحركة أن يصحح مصارها خاصة وأنه صار عكس الطريق الذى صار فيه عبدالناصر فكان من الصعب أن يعلن صراحة أنه وعبدالناصر يستمدان شرعية حكمها من ثورة 1952 وهى مجموعة الاجراءات التى اتخذها عبدالناصر بعد هذا التاريخ لعدة سنوات لأن الثورة لم تكن حركة الجيش ليوم 23 يوليو وإنما هذه الاجراءات التى تمت للمجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وابراز الوطنية المصرية والقومية العربية ولذلك اختفى نظام عبدالناصر برحيله كما اختفى نظام السادات برحيله لأنهما لم يستندان إلى شرعية الشعب. ورغم أن السادات يعتبر أن حرب 1973 واتفاقية كامب دايفيد من أسس شرعية حكمه وكذلك انفتاح فضلاً عن التخلص من أنصار عبدالناصر إلا أن كل هذه الأسس وهى مادام لم ينتخب انتخاباً مباشراً من الشعب ولم ينتهك سياسات مرضية للشعب ومحققة للمصلحة العليا للوطن وهذه نقاط خلافية على كل حال ولكنها فى الأساس لا تصلح سنداً لشرعية الحكم.
وعندما جاء حسنى مبارك بنى على ما أعلنه السادات من أنه يستمد شرعيته من نصر أكتوبر فاعتبر مبارك أن حكمه لثلاثة عقود هو مكافأة لما أسماه الضربة الجوية الأولى وكادا بها أن يقول أنه بطل النصر وأن السادات كان رمزاً سياسياً. وطلما أن الشعب ليس سنداً لنظام مبارك فقد بالغ مبارك أكثر اسلافهفى الادعاء لأن نظامه يقوم على شرعية الشعب رغم أنه أكثر الرؤساء الذين تفننوا فى تزوير ارادة الشعب والانحراف عن الرضى العام وعن مصالح الأمة.
أما نظام الحكم فى عهد الاخوان المسلمين فقد استند إلى ارادة شعبية عبرت عن نفسها فى انتخابات حرة ولكن تعقيدات الموقف فى مصر منذ عام 1952 وكوابيس ثورة يناير التى هددت بإنهاء الوضع الذى ساد منذ عام 1952 لم يكن فى الحسبان فعزل الرئيس المنخب الوحيد فى تاريخ مصر فى ظروف متشابكة وحل محله قائد الجيش فى انتخابات معينة. ولو افترضنا صحة الاجراءات الدستورية والقانونية وهى محل نظر لهذه الانخابات المقطوع به أن السياسات اللاحقة لم تكن محل رضى الشعب ولا تحقق المصلحة العليا من الوطن وأبرز الامثلة الأزمة الاقتصادية وقضية الجزر واستقلال مصر وقضية الحريات وكذلك التمزق الذى أصاب المجتمع المصرى رغم أن البعض المرتبط بالنظام يرى عكس ذلك ولكن الححقيقة أن نظام الحكم فى عصر السيسى يفتقر إلى الاسس الأربعة للشرعية التى أشرنا إليها وشكل أزمة نفسية لدى النظام منذ انتخابات الرئاسة واحجام الناخب المصرى عن الانتاخابات لأنه فقد الثقة فى صندوق الانتخابات كما فقد الثقة فى نصوص الدستور والقانون وعدالة القضاء وكفاءة الحكومة وانعدام المحاسبة والمراقبة وضبط الاحوال فى كل المجالات.
هذا العرض السريع لأسس شرعية الفرض فى مصر يظهر الكثير للدارسين فى الفرق بين القانونية والشرعية فليس كل قانونى فى مصر شرعى أى الفارق بين القانون وبين المصلحة العليا للوطن لأن حسابات النظام فى الداخل والخارج فارقت المصالح المعتبرة لهذا الوطن. والحل أن تنزل السلطة القائمة على أسس الشرعية الصحيحة وهى احترام الدستور والسماح للارادة الحرة للشعب بالظهور واحترام الاجهزة الرقابية وعدم السيطرة عليها وكذلك القبول بالمراجعة الامينة والتقييم الحازم للسياسات حتى تنسجم مع رضى المواطن ومع المصلحة العليا للوطن.
بغير ذلك يتمسك النظام باسس وهى للشرعية ويبتعد رويداً رويداً عن مصادر الشرعية الصحيحة.

السفير د. عبدالله الأشعل يكتب:هل يفسر علم النفس السياسى الالغاز المصرية والعربية؟

علم النفس السياسى هو العلم الذى يفسر الظواهر السياسية وسلوك الأفراد والجماعات فى المجال السياسى تفسيراً سياسياً ولذلك فهو أحد تطبيقات علم النفس العام. والسؤال هل تصلح نتائج علم النفس السياسى وتطوراته فى فهم السلوك السياسى من الناحية النفسية للاوضاع المصرية والعربية.
ونختار فى هذه المقالة عدداً من الظواهر السياسية التى تحتاج إلى تفسير نفسى تمهيداً لاقتراح العلاج المناسب الذى قد يجمع بين الجوانب المختلفة اللازمة لعلاج هذه الظواهر.
الظاهرة الأولى هى ظاهرة التعذيب فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة.
إذا كان السجين أو المعتقل تحت ولاية السجن أو الاعتقال فلماذا يجتهد الجنود والضباط فى تعذيبه حتى بعد أن تصدر المحكمة حكماً بسجنه. ويشترك فى التعذيب جنود وضباط ويتفننون فى التعذيب بل أن بعضهم كان يستريح من وصلات التعذيب فيقرأ فى القرآن الكريم ولما سئل فى ذلك ذات يوم قال أنه لا تناقض بين الأمرين واستعان بالآية الكريمة "وقل أعملو "وكأن التعذيب هو جزء من العمل وأن الاخلاص فيه تقرب إلى الله. يرتبط بذلك منع الأدوية عن السجين أو المعتقل وهو يعلم أن هذا المنع سوف يؤثر على حياته فيصبح قاتلاً عمداً فما تفسير ذلك من الناحية النفسية؟ هل لغياب القانون والقضاء النزيه المستقل علاقة بهذه الظاهرة التى انتشرت فى دول العالم بدرجات مختلفة وكان أبرزها وأشهرها سجن أبو غريب فى العراق وسجن جوانتا نامو وغيرها من السجون الشهيرة فى مصر والدول العربية. إذا كان التعذيب والاهانة وتحقير المعتقل وتعجيزه هو نوع من نزع الانسانيه عنه فهل الغرض هو مجرد اهانة أم التشفى أم الانتقام أم الكيد أم تعظيم الثمن للمخالف للحاكم ؟!.
والغريب أن من يحاول دراسة هذه الظاهرة أو اعداد تشريع لمحاربتها تتصدى له السلطة فى مصر ويتم ترهيبه علماً بأن التعذيب جريمة ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم ولكن ربما كان سجل الذين ارتكبوا جريمة التعذيب عبر عقود يشهد بأنهم أفلتوا من العقاب فى النظم المتتالية بل أن الذى عوقب هو من تحدث عنها فى حينها رغم أن كل نظام يسمح بالنيل من النظم السابقة حتى فى ظل مصر الجمهورية.
الظاهرة الثانية هى ظاهرة تلفيق التهم وصدور الاحكام على أساس التلفيق:
والتلفيق هو الصاق عمل يجرمه القانون بشخص لا علاقة له به أى أنه من الناحية القانونية لابد أن يكون العمل مجرماً ولابد من نسبَة الفعل المجرم إلى فاعل. وقد أوضح قانون الاجراءات الجنائية كافة التفاصيل المتعلقة  بأدلة الاثبات والتأكيد على أن التلفيق والتعذيب جرائم وأن المحكمة لا تأخذ بالاعترافات التى يدلى بها المتهم تحت التعذيب أو بالتلفيق.
والتلفيق يبدأ فى محاضر الشرطة ثم ينتقل ويتم التفنن فيه فى النيابة العامة ثم يأخذ القاضى فى المحكمة بذلك مطمئناً رغم أنه يضع أيه قرآنيه خلفه “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”. هذه الظاهرة أشارت إليها التقارير الدولية ومنظمات حقوق الإنسان فى الدول المتخلفة وحدها أما الدول الديمقراطية المتقدمة فإن التلفيق جريمة. وأما فى الشريعة الإسلامية فإن التلفيق يعادل قول الزور وهو من الكبائر ولكن الانفصال بين أحكام الدين وبين هؤلاء الذين يشكلون جزءاً من منظومة التنكيل بالخصوم يصبح عندهم التلفيق عادة وسلوكاً يحتاج إلى تفسير فهل يصلح القول بأن غياب القانون وغياب الضمير الدينى وغياب المروءة وغياب الحد الأدنى من الانسانية الذى يسمح بالتلفيق هو السبب أم أن هناك تعقيدات نفسية أخرى تفسر هذه الظاهرة.؟
الظاهرة الثالثة هي نظرة الحكام العرب إلى الشعوب :
لوحظ أن الحكام العرب يتحالفون وأن الشعوب لا ترد عليهم بالتحالف ولكن يردد الحكام العرب فى نفس الوقت أنهم يحترمون شعوبهم وأن السيادة للشعب يمارسها الحاكم بموافقة الشعب ويتحدثون كثيراً عن الشرعية وهم يقصدون شرعية القهر فصار الحاكم والمحكوم فى العالم العربى بحاجة إلى تفسير نفسى. فالحاكم يتحدث ويكتب بما يخالف الواقع وأما المحكوم فهو قسمان قسم يعانى من الحرمان والقهر وقسم يستفيد من الحاكم وينضم إلى فرقته وهو يعلم أنه ينافقه وأن ثمن النفاق هو مزايا القرب من الحاكم.
من ناحية ثالثة يعلم الحاكم أن هذه الفئة منافقة وأنه بحاجة بيولوجية إلى النفاق ولذلك فهو يعرف جيداً أن قيمة المواطن لديه بقدر نفاقه وهو ثمن لا يمكن صرفه فيقرر الحاكم فى أى لحظة التخلى عن المنافق وهو مدرك أن الآلاف يتمنون نفاقه. هذه الظاهرة المركبة في علاقة الحاكم بالمحكوم تحتاج إلى تفسير نفسى مادامت إرادة الحاكم هى الأساس ورضاه عن المنافق هو محور المسألة.
الظاهرة الرابعة سلوك الشعوب والحكام فى الصراع العربى الإسرائيلى:
يعلم الحكام والشعوب العربية علم اليقين أن إسرائيل والولايات المتحدة يقدمان الشرعية للحاكم كما يسهرون على صيانة حكمه وأن الحاكم الذى يتمرد عليهما أو يدعى الاستقلال تتصدى له إسرائيل بدعم أمريكى ولذلك يميل الحكام وقطاع من الشعوب نحو السكوت على جرائم إسرائيل وهذا ينطبق أيضاً على الفلسطينيين. كان التقرب من إسرائيل أو التواصل معها فى الماضى جريمة تلحق العار بصاحبها وهى أكبر من مجرد العمالة للعدو فصارت العمالة فضيلة وواقعية ومهارة سياسية مادامت قوة إسرائيل طاغية وأنه لا أمل فى التصدى لها ولابد من الانبطاح للصهيونية. هذا الفريق من الحكام والشعوب يتحدثون عن هذه الظاهرة بشكل مهذب أحياناً وفاجر فى أغلب الأحيان وهم الذين يلحون على التطبيع مع إسرائيل وعلى ترديد مصطلح السلام وهو يعنى السلام لإسرائيل والضياع للعرب. هذه الظاهرة تحتاج أيضاً إلى تفسير نفسى وقد يفيد فى هذا التحليل القول بأن النظام الذى يتقرب لإسرائيل يجذب إليه الفئة المنتفعة من النظام أى أن المنفعة هى التى تبرر السلوك وقد انتشرت هذه الظاهرة منذ زيارة السادات للقدس عام 1977.
الظاهرة الخامسة هى نفاق رجال الدين وفسادهم 
تاريخياً سجل التاريخ ظاهرة فقهاء السلطان وهم الفئة التى حرصت على ارضاء السلطان وتبرير فساده بآيات من القرآن والأحاديث وازدهرت هذه الظاهرة فى السنوات الأخيرة وخصوصاً بعد ضرب التيار الإسلامى وظهور داعش وغيرها صارت تتسم بالفجور لدرجة أن بعض رجال الدين فى مصر اعتبروا أن العلاقات المصرية السعودية وكذلك عاصفة الحزم ضد الشعب اليمنى مذكورة فى القرآن الكريم بل اعتبر رئيس وزراء مصر ان تيران ترجع ملكيتها الي قريش وان السعودية وريث قريش خاصة وأن هذا المستوى من النفاق يقوم به مسؤلون عن الشئون الدينية فهل هو امعان فى ارضاء الحاكم وفهم اتجاهه والسير على طريقه فى الاستخفاف بالدين أم هو حصد للمنافع وأنهم لايرجون لقاء ربهم أم أنهم نشأوا يتاجرون بالدين وأن الزج به لإرضاء الحاكم أكثر نفعا وأعظم حصاداً.
يرتبط بذلك ظاهرة أخرى وهى ظاهرة فساد رجال الدين الذين يتلقون رشاوى  علي أنها أرزاق مقدرة بل أن أحدهم قد أجاز الرشوة وأعتبر أن شرب الخمر لا تثريب عليه بل حتى لاينقض الوضوء. فهل هو استغلال لجهل الناس أم استقواء بالحاكم على الله أم ايمان بالحاكم من دون الله ؟. 
نعتقد أن التفسير النفسى يجب أن يسبق أى اجتهاد آخر لأن التركيب النفسى لرجال الدين ينطوي على درجة من القهر والكبت وأن الدخول فى هذا الرداء ربما كان رغماً عنه وربما كانوا لايعتقدون أصلاً فى هذا الدين فاستمرأوا الضلالة والاضلال .
الظاهرة السادسة هى الكذب المتكرر من المسؤولين وغياب الضمير والذكاء والاستخفاف بالمخاطبين وغياب الروادع الاخلاقية والتربوية والقانونية والدينية فصار الحاكم على كل المستويات يكذب، وبعض أفراد الشعب يصدقون فنحن بحاجة إلى تفسير نفسى للحاكم الذى لا يرى نفسه أو أنه يدرك كذبه ولكنه لا يخشى أحدا فمن لايرى الله لا يرى أحدا أمامه كما أن الفئة التى تصدقه تحتاج أيضاً إلى تفسير نفسى. وتلك ظاهرة فى العالم الثالث كله وليست قاصرة على دول معينة ولكنها مركزة فى العالم العربى فهل العالم العربى له تركيب نفسى مختلف عن الافريقى أو الاسيوى أو اللاتينى أم أن هذه الظاهرة لها تفسيرات أخرى غير نفسيه؟!.
الظاهرة السابعة هي مساندة الحاكم حتي في تفريطه بالوطن وقد رأينا نموذجا صارخا لذلك في التخلي عن تيران ومرونة الأتباع عندما استشعروا أن الثقة قد تنهار بل سبقوا الي مهاجمة السعودية بقسوة علما بأن السعودية لم تدعي شيئا ولم تنتظر  حتي نهاية الإجراءات بل سارعت إلي ضم تيران في خرائط جديدة.

السفير د. عبدالله الأشعل يكتب: معضلة تداول السلطة والانتخابات الرئاسية فى مصر

منذ نشأة النظام الجمهورى العسكرى فى مصر بحركة الجيش فى يوليو 1952 ـتأبدت مسألة تداول السلطة بين العسكريين فى مصر على أساس أن الحاكم العسكرى هو الذى يختار خليفته أى ولى العهد دون أن يكون هناك قانون لتوارث الحكم كما هو الحال فى النظم الملكية.فقد سلم جمال عبدالناصر السلطة إلى أنور السادات أى  عينه نائباً له وعين أنور السادات مبارك نائباً له وبالطبع فإن جميع أجهزة الدولة والدستور تلتزم بإرادة الحاكم ويعبر عنها باختيار الحاكم للنائب وبإجراء استفتاء صورى بعد اختيار أكيد للنائب فى مجلس الشعب الذى صممه الحاكم ولذلك لم تكن هناك مفاجأة فى من هو الرئيس القادم على أساس أن رئيس الجمهورية هو فى نفس الوقت قائد الجيش ليس بصفته رئيس الدولة ولكن لأن الجيش سند  السلطة فى الحكم العسكرى . ظل هذا الوضع سائدا حتى تولى حسنى مبارك بنفس الطريقة التى رافقتها فى كل مرة شائعات تتعلق بتآمر النائب على الرئيس كما كان أولياء العهد فى النظم الملكية الشرقية يفعلون. فى عام 2005 تم تعديل دستور 1971 لكى يتحول اختيار رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخاب وكان ذلك فيما يبدو تجملاً أو استجابة لضغوط دولية ولكن هذا التعديل لم يغير شيئا من الواقع لأنه تم فى اطار الحكم العسكرى هذه المرة لجأ النظام بكل مكوناته إلى تكريس هذا التوارث الذى لا يعتبر تداولاً للسلطة بالمعنى الصحيح ولكنه تداول للسلطة فى سلالة معينة وهى السلالة العسكرية. بل إن الوضع فى مصر أكبر من مجرد توارث للسلطة وإنما هو تأميم لحياة مصر وأبنائها. فى النظم الأسرية فى الخليج هناك تداول للسلطة وفق نظام للتوارث داخل الأسرة ويكون الحاكم مثل الحاكم فى مصر مطلقاً ومهيمناً على جميع مناحى الحياة فلا فرق بين مصر ودول الخليج رغم أنه لا مقارنة مطلقاً بين تاريخ السلطة فى مصر وبين تاريخ السلطة فى الخليج فمصر أقدم تنظيم سياسى وقانونى ومجتمعى عرفته البشرية فلا تقارن بأى من الدول الأخرى وإنما الذى أدخلها فى هذا التصنيف هو الحكم العسكرى. ولذلك فإن تداول السلطة بين العسكريين هو فى الواقع انتقال وليس تداول بالمعنى الصحيح.
 أما فى النظم الديمقراطية فإن السلطة ملك للمجتمع يضع لها ضوابط الوصول إليها وقواعد تداولها. والسلطة فى الدول الديمقراطية هى السلطة المنتخبة لأن الملك فى النظم الملكية الديمقراطية لا يحكم وإنما يلتزم الدستور الذى يحدد له علاقته بالسلطة قلت أم كثرت ولكن لأنه ليس منتخباً فإن علاقته بالسلطة شكلية لا تؤثر على قرار السلطة المنتخبة.
عندما قامت ثورة 25 يناير كان ذلك ايذانا بأن الشعب يريد أن يقيم نظاماً سياسياً باختياره وليس بالتزوير الذى تم طوال الحكم الجمهورى حتى اقترن الحكم الجمهورى بالاستبداد والدكتاتورية والفساد وليس هذا هو طابع الحكم الجمهورى فى بلاد العالم الأخرى لأن الأصل هو الديمقراطية وأن الدكتاتورية لا تقيم نظاماً سياسياً وانما تقيم نظاماً للحكم تهيمن من خلال رجالها على مؤسسات الدولة وتديرها لمصلحتها.
والغريب أنه فى ظل هذا النظام العسكرى يتداول الناس مصطلحات ليست مألوفة إلا فى الدول الديمقراطية مثل الممارسة الديمقراطية والسيادة للشعب والشعب مصدر السلطات والديمقراطية وتداول السلطة والبرلمان والقضاء ودولة القانون والدولة الدستورية وكذلك الحديث عن تعميق الديمقراطية وانشاء دولة مدنية حديثة. 
هذه المصطلحات يكثر ترديدها كلما كان النظام دكتاتوريا أى أن درجة الدكتاتورية ارتبطت  في الخبرة المصرية بمعدل استخدام هذه الشعارات .والحق أن جمال عبدالناصر لم يدعى أبداً أنه ينشئ نظاما مدنياً ديمقراطياً وانما بدأ سيل الادعاءات منذ أنور السادات.
وإذا كانت ثورة يناير والذين خرجوا فى الثلاثين من يونيو من شباب الثورة أرادوا تداولاً حقيقياً للسلطة بعيداً عن الحكم الدينى أو الحكم العسكرى فليس مستبعداً أن يكون التحالف قد تم بين الحكمين لاسباب مختلفة ولذلك فإن محاولة فرض تداول السلطة فى ضوء قواعد طبيعية فى ظرف غير طبيعى هو الذى أفشل هذه المحاولة وهو الذى تسبب فى تكريس أزمة تداول السلطة أو انتقالها.
وقد أعلن الرئيس السيسى فى كل مناسبة أنه يحترم الدستور وتداول السلطة وأنه يريد انشاء نظام ديمقراطي ودولة مدنية وهى تصريحات تذكرنا بتصريحات السادات وحسنى مبارك لأنها تصدر عن حكم عسكرى والانطباع العام أنه لايريد التفريط فى السلطة أو أنه يقبل بتداول السلطة بين العسكريين وحدهم كما كان التقليد منذ عام 1952.
فهل الرئيس السيسى يريد حقيقة تداول السلطة بين كل أبناء الشعب المصرى أم تداول السلطة بين العسكريين وحدهم؟.
إذا كان يريد الثانية فيجب أن يفصح عن ذلك لأن التناقض بين الأقوال والأفعال لم تترك متسعاً للمناورة خصوصاً وأن كل المؤشرات تؤكد ذلك فالشعب المصرى يريد المصارحة ولا يتحمل مزيداً من انهيار المصداقية ومادام الرئيس السيسى قد التزم فى بيان الثالث من يوليو بخريطة الطريق كان يتعين عليه أن ينفذها وأن يمتنع عن الترشح للرئاسة مصداقاً لتصريحات وتأكيدات سابقة له. 
نحن نريد تطبيق الدستور وتداول السلطة بين كل أبناء الشعب المصرى ولا نريد انتقالا صوريا أو عن طريق التزوير أو المسرحيات الانتخابية لأن ظروف مصر لا تحتمل مزيداً من الدعابات .
 النقطة المفصلية هى الاجابة عن هذا السؤال إما انتخابات حرة نزيهة بضمانات وإما غصب للسلطة واستمرار فى ذلك وعلى الشعب المصرى بعد ذلك أن يحدد موقفه من الخيارين.
أما جدية وضمانات الانتخابات الصحيحة فأولها تأمين المرشحين أمنياً ومعنوياً فلا يجوز ارهابهم بالأمن والتلفيق واغتيالهم معنويا بالإعلام.
الضمانه الثانية هى أن تقدم الدولة مبلغاً من المال لكل مرشح يستوفى شروط الترشيح ويحظر المال السياسى أو تلقى أموال من الخارج.
الضمانة الثالثة أن تعلن القوات المسلحة  التزامها بالحياد فى الانتخابات وأن يعرف العالم كله ذلك.
الضمانة الرابعة أن تتم مراقبة الانتخابات بالهيئات الداخلية والمراقبين الدوليين.
الضمانة الخامسة هى أن تجرى الإنتخابات بإشراف حكومة من المثققين والشخصيات العامة مهمتها الوحيدة اجراء الانتخابات.
الضمانة السادسة أن يقبل الجميع بالنتائج بعد كل هذه الضمانات 
الضمانة السابعة تكافؤ فرص الاعلام 
وأفضل فى هذه الحالة أن لا يترشح الرئيس السيسى لاعتبارات تتعلق بسلامة المسيرة المصرية فى الحاضر والمستقبل ذلك أن الحاكم يخطئ ويصيب ولابد أن يحاسب وفقاً لقواعد الحساب إن كان تابعاً لحزب فإن نجاحه أو فشله يعزى إلى الحزب أما إن كان من القوات المسلحة فإنه يصعب محاسبته ومن الظلم أن نحمل القوات المسلحة أى قصور فى ادائه لأن الذى يتولى السلطة يتعرض لكل أصناف النقد ولايعقل أن يخطئ ويقهر الناس على السكوت كما حدث فى تجربة مصر لأكثر من ستة عقود.
نريد أن نبدأ بداية جديدة وكانت ثورة 25 يناير المؤشر الأهم فى حتمية هذه البداية ولكن ما يحدث الآن هو تلكؤ ومماطلة في الاعتراف بأهمية هذه البداية.
لقد فات جمال عبدالناصر أهم شرف فى تاريخه وهو استخدام شعبيته واستخلاص درس الهزيمة لكى يشرف على هذه البداية وهى إنشاء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تسودها العدالة والحرية واحترام القانون واستقلال القضاء وعدم تدخل الجيش فى الحياة العامة والتزام السلطة بالقانون. خطأ جمال عبدالناصر هو الذى أدى إلى أن تدفع مصر منذ النكسة حتى الآن ثمناً باهظاً ليس له مبرر.
 واليوم أمام الرئيس السيسى فرصة من حيث الزمن وليس من حيث الشعبية ويجب أن يتحلى بالشجاعة لأن الزمن تغير والشعوب تدرك كل شئ ولا يرضى لمصر مزيدا من الاضطراب. أحلم أن يعلن الرئيس السيسى عزمه على عدم الترشح بل ويمنع العسكريين جميعا من الترشح ولا يلتفت إلي المنافقين المنتفعين وسرهم أن يتورط في الأخطاء ولايهمهم سوي مصالحهم الشخصية، وذلك ليعطى فرصة لهذه البداية الموعودة وألا يكرر تجربة سلفه فالأمة لن تنتظر طويلاً وأرجو أن يأخذ بهذه النصيحة المخلصة.
أدرك أننى أقرب إلى عالم الأحلام ولكننى سجلت نصيحتى وكسبت ثوابها رضاءاً عن النفس وإبراءاً للذمة فإن تحققت فسوف تكون مصدر سعادتى وإن لم تتحقق بقى لى شرف الجهر بالنصيحة.

09 أغسطس 2017

أحمد عبد العزيز يكتب: مجدي حسين وشعار.. “الخروج بعزة او السجن بكرامة”


لم يطلب مجدي حسين من احد ان يتوسط او يتوسل من اجل الافراج عنه ولم يعرف يوما الاستجداء خاصة اذا جاء هذا الامر من جانب البعض المعروف عنهم التماهي الكامل مع هذا النظام المجرم فضلا عن تاريخه مع الكيان الصهيوني ودعوته للتطبيع معه ولهذا السبب وغيره لن يقبل حسين"مع حفظ الالقاب " او اسرته مثل هذه المطالبة من جانب هؤلاء الاشخاص والاهم من ذلك ان ا.مجدي حسين واسرته لم ياتي في ذهنها في يوم من الايام ان تسلك هذا المسلك للافراج عن رجل صارت بينه وبين السجون الفة وتاريخ من التعامل والتفاعل بل والتناغم و"العشرة "وكان دائما ما يقول لنا استاذنا انه لا يخشي السجن ابدا ففيه انجز كل مؤلفاته التي لم يستطع انجازها خارجه وبالتالي الامر لا يتم التعامل معه علي هذا النحو فمن وهب نفسه للنضال لا يرهبه سجن ولا يخشي سجان ولا يستعطف طاغية للافراج عنه بل شعاره الخروج بعزة اوالبقاء بكرامة ورفض اي محاولة اخري حتي لو بدا ان ظاهرها انساني ومهني 

ونذكر هؤلاء ان استاذنا مجدي حسين له تاريخ مع الزنازين والسجون والمعتقلات وكل ما يفعله من نضال ومواجهة يعلم تماما انه سيقوده الي هذا المصير وبالتالي لن يشعر بندم في يوما ما او محاولة مراجعة هذا المبدا وتطويع الامور فهذا ابعد ما يكون عن فكر ال حسين سواء الاب او العم او الابن فالنضال ومواجهة الطغاة في جينات هذه العائلة وهذا ربما ما لا يدركه الكثير ويعكس جهله بتاريخ عائلة وطنية وهبت نفسها للكفاح والنضال وبالتالي لن ترضي باية وسيلة افراج تنال من هذا التاريخ حتي لو كان الثمن الموت 
ولعل الجميع يتذكر ما قام به مجدي حسين عندما ذهب الي غزة عبر الانفاق لانه لم يكن مسموحا بالذهاب اليها بشكل قانوني من جانب نظام مبارك فلم يتردد الرجل في المغامرة والذهاب عبر الانفاق تضامنا مع شعب غزة ضد الاجرام الصهيوني في حربه علي غزة قبيل ثورة يناير وهناك القي عدة خطب في مساجد غزة معلنا موقفه للعالم اجمع وبعد انتهاء الحرب لم يفكر الرجل في العودة بنفس الطريقة بل عاد بجراة غير عادية عندما عاد عبر معبر رفح بشكل علني وهو يعلم انه سيتم القبض عليه ولكنه لم يابه بهذا كله وجهر بعودته كعادته وبالفعل تم القاء القبض عليه ودخل السجن وهو راضيا سعيدا انه ادي دوره الوطني وارضي ربه وضميره دون نظر لاي عواقب ..فمثل هذا الرجل يستجدي من احد الافراج عنه؟

ولن انسي ومعي كل ابناء الحركة الوطنية الخروج التاريخي لمجدي حسين عقب ثورة يناير عندما خرج من السجن مباشرة الي ميدان التحرير في مشهد غير مسبوق وكان من ابرز رجال الميدان ودعوته يوم التنحي بالتحرك الي قصر العروبة وعاد مرة اخري ليواجه طاغية جديد عقب 3 يوليو ويذهب الي السجن بكل اريحية عقابا علي مواقفه وجراته في الحق وليستعيد صداقته القديمة مع الزنزازين والسجون وهي الصداقة التي بدات منذ عشرات السنين والسجن علي ارضية الراي والنشر بجريدة "الشعب "او علي ارضية الوطني لتظل مسيرة مجدي حسين من النضال للسجون والعكس وهكذا "رايح جاي "لتدشن مرحلة من النضال والمواجهة مع كل طاغية بجراة لا تابه باي سجن ولا تطلب استعطافا للافراج بل لتقر مبدا وشعار " الخروج بعزة او السجن بكرامة "

07 أغسطس 2017

سيد أمين يكتب: 30 يونيو.. ثورة مضادة مكتملة الأركان


إذا خدعت أحداً خدعة متقنة يصعب على بساطة وعيه أن يكشفها، وتصرَّفت بناءً على ذلك تصرفاً شائناً أو خارجاً عن القانون بقصد أو من دون- فأنت شريك له في الجريمة ما لم تكن أنت بمفردك المجرم المغرر المدلس.
وإذا كنت مدرِّساً وضللت تلميذك أو من يثق بك بمعلومات مغلوطة، فذهب للامتحان ورسب، فأنت المسؤول -بلا شك- عن كل ما فَهم وكتب وعن رسوبه.
وكذلك، كل من صدّق الدعاية الإعلامية السوداء، كبيع النيل والأهرام وسيناء وغيرها، وخرج في 30 يونيو/حزيران 2013 داعياً للانقلاب على أول تجربة ديمقراطية في البلاد، فإن الإعلام ومن خلفه ومن أوحى إليه، يتحمل الوزر الأخلاقي والقانوني والشرعي عنه؛ وذلك لكون الضحية تحرك بناءً على تلك المعلومات التي قدمها بشهادته الزور.
وعموماً، فالأصل في منح شرعية واحترام أي ثورة هو ضرورة اتسام القائمين عليها بالوعي واليقين، سواء في المبررات أو النتائج، وليس بالخداع واستغلال انخفاض وعي الناس.

أربعة حشود

4 سنوات مرت على ذكرى الحشد الاحتفالي الذي انعقد بميدان التحرير في 30 يونيو/حزيران، كان بحق حشداً كبيراً لا تخطئه العين، لكنه أيضاً لم يكن الأكبر الذي شهدته شوارع القاهرة في السنوات الست الماضية؛ فقد سبقته 4 حشود أكبر منه عدداً وأكثر مخاطرةً، حشد منها كان ثورياً، وحشدان آخران كانا يشبهانه في كونه حشداً احتفالياً.
فقد سبقه الحشد الثوري الكبير الذي نزل إلى شوارع مصر في جمعة الغضب إبان أحداث الثورة الحقيقية، هذا الحشد نزل متحدياً المخاطر التي قد تكلف المرء حياته؛ وذلك درءاً لأضرار عاناها بحقٍ، طيلة عشرات السنين، ثم تلاه أيضاً حشد يوم تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011، وهو الحشد الاحتفالي الكبير الذي اعتُبر بمثابة شهادة مبايعة من جموع الشعب للثورة الوليدة.
كما سبقه أيضاً الحشد الذي انعقد في أبريل/نيسان 2012 تحت اسم "الشريعة والشرعية" والذي امتدت الحشود فيه مسافاتٍ طويلةً وسط القاهرة وميادين مصر، وكان حشداً احتفالياً بقدر كبير، لكنه يؤكد مطالب سياسية محددة، ثم الحشد الاحتفالي الثالث الكبير الذي جرى إبان إعلان فوز الدكتور محمد مرسي في العام نفسه.

حراك الثورة المضادة

في الواقع، إن حشد 30 يونيو/حزيران اختلف جذرياً عن الحشود كافة التي سبقته، سواء في الموضوع أو الأسباب؛ لأنه سار في الطريق المغاير لها تماماً، وعبَّر بشكل كبير عن النظام القديم الذي حدثت ضده الثورة، ثم أعادته للحكم ليكون أشد ضراوة وقسوة، فاستحق بحق أن يطلق عليه حراك من حراكات "الثورة المضادة".
ونؤكد هنا أنه مجرد حراك لم يرتقِ لمرحلة الثورة أو حتى الثورة المضادة؛ وذلك لأنه لو زعمنا ذلك لاعتبرنا أن كل يوم جمعة بعد ثورة يناير/كانون الثاني كان بمثابة "ثورة"؛ نظراً إلى نزول الآلاف فيه للشوارع تحت اسم المليونيات المتنوعة المطالب والأهداف.
ومن غير المنطقي أيضاً أن نعتبره حشداً ثورياً، لأسباب كثيرة؛ أهمها أن الثورة حتماً -ولا بد- أن تقوم ضد "السلطة"، والسلطة هي عبارة عن أدوات الحكم المتمثلة في الجيش والشرطة والقضاء والإعلام الرسمي، ولما كانت تلك الأدوات هي من خططت ودبرت ومولت ودعت لهذا الحشد سراً أو جهراً- كان من الضروري اعتباره حراكاً في ثورة مضادة.
ولأن ما حدث كان انقلاباً، فقد انقلبت معه أيضاً معايير المنطق؛ فاحتل القاتل مكان الضحية ووضع الضحية موضعه، الإنسان الذي مَن قتله كمن قتل الناس جميعاً، صار قتله عملاً اعتيادياً، يُكرّم فيه القاتل وتُسبغ عليه صفات التضحية والوطنية والفداء.
وصار الخائن هو من يقاوم بيع تراب الوطن والوطني هو من يبيع، والوطني هو من يتودد لإسرائيل والعميل لها من يعاديها، وصار الإرهابي هو من يعترض على مثل تلك اللامنطقيات ويتمسك بتحقيق العدالة.

ثورة دي ولا انقلاب؟

والآن، بعد 4 سنوات من احتفالية 30 يونيو/حزيران، تأكد للجميع -حتى أشد مناصريها- أنها كانت انقلاباً على ثورة يناير/كانون الثاني.
فبيع الأرض للأجانب كجزر تيران وصنافير وتشيوس، وتدمير المدن وتهجير أهلها، والزج بعشرات آلاف من المصريين في غياهب السجون، مع آلاف الشهداء من المصريين مدنيين ومجندين، وبناء قرابة 19 سجناً جديداً، وإغلاق المجال العام وحجب المواقع واعتقال الصحفيين، وعودة زوار الفجر، وانهيار الاقتصاد وعودة الفاسدين لمناصبهم وغير ذلك... لا يمكن أن يكون ناتجاً عن ثورة.
ثورة دي ولا انقلاب؟