21 يناير 2016

المفكر القومى محمد سيف الدولة يكتب: البرلمان المصرى يقنن بيع مصر

انها حقا لمهزلة كبرى أن يوافق البرلمان على قانون لتحصين عقود الدولة ضد طعن المواطنين.(مرفق نص القانون فى نهاية هذه السطور) *
صحيح أن "برلمان الموافقة" قد وافق بالجملة على كل القوانين والقرارات التى أصدرها السيسى وعدلى منصور، وبدون أى مناقشة حقيقية، فيما عدا قانون الخدمة المدنية ولأسباب ترتبط بالخوف من ردود الفعل الشعبية قبل الذكرى الخامسة لثورة يناير، الا ان قانون تحصين صفقات الدولة، أشدها خطرا على الاقتصاد المصرى وما تبقى من استقلاله، كما أن للموافقة عليه دلالة هامة وكاشفة وحاسمة فى توصيف طبيعة النظام الذى يحكم مصر الآن.
فلقد أصبح بامكانهم اليوم أن يبيعوا أى شئ؛ بامكانهم لو أرادوا أن يبيعوا سيناء لاسرائيل، او السد العالى لاثيوبيا، أو أن يعيدوا قناة السويس لديليسبس، او يبيعوا مصر كلها للأمريكان.
أولم يفعلوها من قبل، حين باعوا استقلال مصر وسيادتها وعروبتها لامريكا واسرائيل، وفككوا اقتصادنا الوطنى وباعوه خردة وقطع غيار للخواجات ووكلائهم من 1974 الى 2011؟
***
وهنا تجدر الاشارة الى انه رغم كل جرائم بيع القطاع العام المشهور باسم الخصخصة التى قام "مبارك" ونظامه بتوجيهات من صندوق النقد الدولى ومن يمثلهم، الا ان القوى الوطنية استطاعت ان تتصدى لعديد من هذه الصفقات المشبوهة من خلال الطعن عليها فى مجلس الدولة، ونجحت بالفعل فى تعويق العديد منها واجبار الدولة على استرداد بعض الشركات المنهوبة.
ولكن اليوم وبعد 5 سنوات من الثورة المصرية، يتم تجريد الشعب المصرى من حقه وخط دفاعه الوحيد والأخير فى حماية ملكيته العامة وثرواته القومية.
***
لقد تم اجهاض الثورة المصرية، وارتكاب كل اعمال قتل المتظاهرين واعتقال المعارضين وتأميم السياسة وحصار القوى السياسية، وتكميم الأفواه، وتحريم تداول السلطة او المشاركة فيها على المدنيين، وتمهيد الطريق امام الجنرال السيسى لاعتلاء كرسى الرئاسة وتحويله الى فرعون جديد، وتعيين برلمان موالى وتابع يعمل كسكرتارية له ولأجهزته الامنية...الخ
كل هذا تم بذرائع الامن القومى وحماية الدولة وتحت شعارات "الوطنية والاستقلال"، ولكنهم اليوم يفضحون انفسهم أمام الجميع، بالموافقة على قانون اقل ما يوصف به انه قانون غير وطنى ومشبوه يمهد ويهدد ببيع ما تبقى من ثروات مصر ومقدراتها مرة اخرى لرؤوس الاموال الاجنبية ووكلائها المحليين، بلا اى رقيب او تعقيب، ويجرد المصريين من أى حق للتصدى بالطعن على هذه الصفقات.
وبماذا دافعت الحكومة عن القانون اثناء مناقشته؟
لقد استشهدت بالتعويضات والغرامات التى وقعت على مصر نتيجة اخلالها بعقود تصدير الغاز لاسرائيل!
يا لها من مواقف وطنية!
وطنية زائفة ووطنيون مزيفون.
انها الثورة المضادة فى أبرز تجلياتها.
*****
* نصت المادة الأولى من القرار بقانون رقم 32 لسنة 2014 بتاريخ 22 أبريل 2014 والخاص بتنظيم بعض إجراءات الطعن على عقود الدولة :((على أنه مع عدم الإخلال بحق التقاضى لأصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد، يكون الطعن ببطلان العقود التى يكون أحد أطرافها الدولة أو أحد أجهزتها من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التى تمتلكها الدولة أو تسهم فيها أو الطعن بإلغاء القرارات أو الإجراءات التى أبرمت هذه العقود استناداً لها، وكذلك قرارات تخصيص العقارات من أطراف التعاقد دون غيرهم، وذلك ما لم يكن قد صدر حكم بات بإدانة طرفى التعاقد أو أحدهما فى جريمة من جرائم المال العام المنصوص عليها فى البابين الثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات، وكان العقد قد تم إبرامه بناءً على تلك الجريمة.))
*****
القاهرة فى 21 يناير 2016

ليست هناك تعليقات: