25 أكتوبر 2014

بين مصرواليابان.. مقارنة غير عادلة!!


بقلم :أبو أشرف محمود المختار الشنقيطي المدني 
لم أكن بعيد عهد من قراءة مقالة وصلتني تحت عنوان :
(أمريكا الإسلام .. ونظام الشرق الجديد إلى أين؟ : د.عبد الحي زلوم "مستشار عالمي للبترول ،كاتب وباحث")،والذي لفت نظري قول الكاتب الكريم :
(وهنا نستذكر تعليق جورج كينان George Kennan مهندس سياسة الاحتواء بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تم بحث السماح بتصنيع اليابان أم عدمه، حيث قال إنه بإمكان اليابان التصنيع كما تشاء، على أن تكون اليد الأمريكية قابضة على صمامات النفط التي تغذي تلك المصانع لتغلقها متى تشاء. والشيء نفسه ينطبق على الصين والهند: أسرع الاقتصادات نموًا، حيث بإمكانهما تنمية صناعاتهما كما تشاءان ما دامت الولايات المتحدة هي التي تتحكم بتدفق النفط إليهما، وأي طريقة أكثر أمنًا في مثل هذا التحكم من إقامة قواعد جنودها فوق تلك الاحتياطات النفطية العربية والإسلامية، بالإضافة إلى حراسة طرق النفط وإمداداته وأنابيبه من البلد المنتج حتى المستهلك? خصوصًا وأن نفط الخليج سيشغل حوالى 80% من الواردات الآسيوية من النفط بحلول سنة 2020..){ رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية }
لأكثر من سبب – من بين ذلك قرب عهدي بالمقالة المذكورة – تذكرتُ كلمات جورج كينان ،وأنا أستمع إلى حلقة من برنامج ساعة حوار : "الخليج ومناطق الصراع" مع الدكتور عبد الله النفيسي.
وقد أشار الدكتور إلى أنه في 1908 م كانت ( اليابان ترسل طلبتها للتعلم الجامعي في القاهرة .. شوف الآن القاهرة فين وطوكيو فين) : د. عبد الله نفيسي.
هذه المقارنة تتكرر كثيرا .. وفي وجهة نظري أن هذه المقارنة غير منصفة – دون أن يرفع ذلك عن قادة مصر تقصيرهم – وهنا نتذكر قول زرق العيون (الشيطان يكمن في التفاصيل) .. القضية دون شك أكبر من إرسال بعثة من الطلاب اليابانيين إلى القاهرة للدراسة .. سنعود أولا إلى محمد أسد وعلاقة الغرب مع الإسلام .. فبينما كان أحد أصدقائه – ذات حوار – يتباهى بأن الغرب أصبح أكثر تسامحا نحو الآخر .. علق محمد أسد :
ومع ذلك فإني لا أشعر أن الغرب قد أصبح فعلا أقل تكبرا من اليونانيين والرومانيين نحو الثقافات الأجنبية،بل أكثر تسامحا فقط. وأرجو أن ألفت انتباهك إلى انه لم يصبح أكثر تسامحا نحو الإسلام،بل نحو ثقافات شرقية معينة أخرى تقدم نوعا من الجاذبية الروحية المتعطش إليها الغرب،وفي الوقت نفسه،بعيدة جدا عن النظرة الغربية العالمية بحيث لا تشكل أي خطر حقيقي على قيمها(..) {ص 19 ( الطريق إلى الإسلام) - نقله إلى العربية : عفيف البعلبكي / بيروت / دار العلم للملايين / الطبعة الخامسة 1977م،)}
ومن أجل التذكير بالفرق بين اليابان ومصر علينا أن نعيد طرح سؤال جورج كينان حول السماح لمصر بالتصنيع؟ هل كنا سنجد نفس الإجابة ؟!
بما أن السؤال لم يطرح .. نستطيع أن نطرح سؤالا آخر .. ماذا لو أن وزير الدفاع الياباني قام بالقبض على رئيس وزراء اليابان وألغى الدستور وأغلق وسائل الإعلام .. كيف ستكون ردة فعل أمريكا والغرب من ورائها؟! هل ستكون نفس ردة فعلهم تجاه ما حصل في مصر؟
إذا فالمقارنة بين مصر واليابان لها كثير من الظلال .. وفي خصوصية مصر .. مصر العربية .. مصر المسلمة .. مصر رأس القاطرة .. التي لو نهضت لقادت معها الأمة .. مصر التي هذه صفتها تذكرنا بقول تشافيز .. مشكلة فنزويلا .. بعدها عن الله .. وقربها من أمريكا!!
بالنسبة لمصر .. وقربها من إسرائيل.
وبعد .. فإن الحديث عن خصوصية مصر والقيود التي يضعها الغرب في طريق نهضتها .. لا ينسينا أن نذكر بأن اليابان ليست مجرد بعثة طلاب ترسل إلى القاهرة سنة 1908 .. فكما يقول "بيجوفيتش":
(كان النظام المدرسي متطورا في اليابان منذ القرن الثامن عشر،حتى إن نسبة الأميين كانت الأقل في العالم. الكتابة اليابانية معقدة جدا،إلا أن الأمر ليس في الكتابة وإنما في الناس) {ص 146 (هروبي إلى الحرية ) علي عزت بيجوفيتش /ترجمة إسماعيل أبو البندورة / دمشق /دار الفكر / الطبعة الثالثة 1429هـ = 2008م ) }
نحن هنا أمام التعليم .. وبلد هو الأقل أمية في العالم .. إضافة إلى الإنسان الياباني .. ونختم بقول صاحب قصة الحضارة :
( لقد درس اليابانيون ، مدنيتنا دراسة فاحصة لكي يتشربوا معاييرها ثم يفوقوها، فقد يكون من الحكمة أن ندرس مدنيتهم في صبر يشبه صبرهم في دراسة مدنيتنا، حتى إذا ما تأزم الأمر على نحو يضطرنا إما إلى حرب أو تفاهم معهم، كان في مقدورنا أن نصل معهم إلى تفاهم) {ص 7 جـ5 مجلد1 ( قصة الحضارة ) / ول ديورانت}
تلويحة الوداع :
قصة – أو أسطورة – حكاها لنا أحد معلمينا في إحدى المراحل التعليمية .. ذكر لنا إمبراطور اليابان أرسل بعثة طلابية إلى الغرب .. فعادوا إليه وقد تزيو بأزياء الغرب .. فأعدمهم .. وأرسل بعثة أخرى .. فعادت بعلوم الغرب وتقانته!!
برنامج ساعة حوار : الخليج ومناطق الصراع ) : http://www.youtube.com/watch?v=j5umMMk3M6k

ليست هناك تعليقات: