28 أكتوبر 2013

الدين في خدمة أهداف العسكر

 
 
 
الجزيرة – الأحد، 13 أكتوبر 2013
عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة
من بين الأسباب التي برر بها وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي انقلابه على أول رئيس منتخب محمد مرسي كان 'استغلال الدين والديمقراطية وتكفير المعارضين من أجل الوصول للحكم'، لكن سرعان ما لجأ السيسي إلى الدين لتثبيت دعائم الانقلاب.
وبدا ذلك واضحا عبر استقدام علماء يؤكدون لضباط وجنود الجيش والشرطة أن قتل المتظاهرين السلميين أمر مباح، لأنهم 'مرتدون وخوارج ونتنون لا يستحقون المواطنة'، كما فعل مفتي الجمهورية السابق الشيخ علي جمعة.
وفي هذا السياق خرج إمام مسجد عمر مكرم الشيخ مظهر شاهين بفتوى جديدة تحرّم البيع والشراء من المحلات المملوكة لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بدعوى أن الجماعة 'تستخدم الأموال في تدمير الوطن'، كذلك إذاعة أوبريت 'تسلم الأيادي' في أحد المساجد بمحافظة البحيرة، وقيام وزارة الأوقاف بتسريح الآلاف من الأئمة والخطباء لأسباب متعددة، وتغيير أسماء بعض المساجد إلى اسم '30 يونيو'.
وأثار الاستخدام المتسارع من قادة الانقلاب للدين في خدمة أهدافهم السياسية، وتكفير معارضيهم واستباحة دمائهم، المخاوف من تحول مصر إلى دولة عسكرية دينية، مما دفع البعض إلى المطالبة بإبعاد الدين عن الحياة السياسية وإعادة الاستقلال لمؤسسة الأزهر.
إسباغ للشرعيةوقال المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة الدكتور خيري عمر 'إن أي نظام شمولي عادة ما يلجأ لتبرير أفعاله من خلال استخدام العقيدة التي يدين بها الشعب لإسباغ الشرعية على أفعاله'.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت 'هذا النوع من التوظيف السياسي هو الأكثر شيوعا في بلدان العالم الثالث نتيجة ضعف وهشاشة المؤسسات، وخاصة مؤسسة الإفتاء التي تشهد الكثير من التنازع بين المتخصصين وغيرهم'.
كما انتقد إباحة بعض علماء الأزهر قتل المتظاهرين السلميين بدعوى أنهم 'خوارج أو نتنون'، مشددا على أنه يمكن وقف هذا التوظيف للدين في خدمة الأغراض السياسية إذا ما استطاع المجتمع دعم مؤسسة مستقلة للإفتاء ومؤسسة حامية للعلماء من قمع السلطات.
وأشار إلى أن الأزهر الشريف لم يعرف الاستقلال في العهد الحديث وأصبح منحازا للسياسة، كما تم تدمير دوره الفكري والديني وذلك عبر علمنة الأزهر.
استقلال الأزهرمن جانبه أكد أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية الدكتور وصفي عاشور أبو زيد أن علماء الشريعة يجب أن ينطلقوا من معايير الشرع، ولا يجوز لهم نفاق الحكام أو نفاق الجماهير.
وأضاف للجزيرة نت أن بعض السلاطين على مر التاريخ كانوا يستخدمون علماء الدين في تثبيت ملكهم، مشيرا إلى أن علماء الدين بشر يصيبون ويخطئون، وبعضهم يضعف أمام المال أو يجبن أمام سطوة وبطش السلطان.
وشدد على أن الفريق السيسي 'سبق أن استخدم بعض علماء الدين مثل شيخ الأزهر وبابا الكنيسة وممثل حزب النور في بيان الانقلاب الأول، للتغطية على الانقلاب وإصباغ الشرعية الدينية على إطاحته بأول رئيس مدني منتخب'.
وقال أبو زيد إن المفتي السابق الدكتور علي جمعة 'الذي يتسابق لخدمة العسكر، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عيّنهما الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبالتالي لا عجب أن يكونا وفيين لمن عيّنهما'، مشددا على أن الأزهر 'حُرم من استقلاله بعدما سلب من أوقافه في عهد عبد الناصر، وأصبح العالم الأزهري يتقاضى مرتبه من الحكومة'.
وتابع مع مرور الوقت أصبحت مؤسسة الأزهر جزءا من النظام السياسي للدولة بعد ضمه لمجلس الوزراء، لافتا إلى أن الأزهر لم يشهد استقلالا منذ ثورة 23 يوليو/تموز 1952 سوى خلال العام الذي حكم فيه الدكتور محمد مرسي، الذي شهد عهده انتخاب هيئة كبار العلماء للمفتي الجديد لأول مرة.
وأوضح أن 'الخطوة الرئيسية لإعادة الاستقلال لمؤسسة الأزهر هي مواجهة هذا الانقلاب العسكري الدموي وكسره، لأن مصر لن تشهد أي استقلال أو ازدهار أو حرية في ظل نظام مستبد قامع للحرية'.

ليست هناك تعليقات: