01 فبراير 2013

ليسوا مصريين.. وليسوا مسلمين.. وليسوا مسيحيين بقلم مجدى أحمد حسين


نحسب أن ما حدث فى الأيام القليلة الماضية والأسابيع القليلة الماضية من أعمال عنف همجية باسم ممارسة العمل السياسى أو الثورة، جريمة لا مثيل لها فى تاريخ مصر. فكما كان حكم المخلوع فريدا فى حقارته وعمالته وإذلاله للشعب، فإن محاولاته المستمرة للانتقام والحفاظ على مكاسب عناصره وأسيادهم فى الخارج أيضا فريدة وعجيبة ولا نظير لها فى تاريخ مصر.
فقد سمعنا عن الطغاة الذين ساموا الشعب المصرى سوء العذاب، وسمعنا عن مذابح الفرنسيين والإنجليز. ولكننا لم نسمع فى تاريخ مصر عن معارضة سياسية أو حزبية تحرق المقرات والمبانى العامة وتنهب المنقولات منها وتعتدى على الأموال الخاصة وتستأجر البلطجية وتؤسس أجنحة مسلحة للقتل العشوائى وترهيب المواطنين وتثبيتهم فى الطرقات، وقطع الطرق والجسور والسكك الحديدية والمترو. ومحاولات لاقتحام محطات الكهرباء، وحتى اقتحام السجون والأقسام (وهذا امتداد لأفعال عصابة العادلى فى بداية ثورة 25 يناير). ولكن يبقى فى المقدمة قتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، فهذه من الكبائر التى تؤدى إلى الخلود فى النار، والتعرض لمضاعفة العذاب: (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا). إن قتل أكثر من 30 مواطنا بصورة عشوائية أو من خلال استهداف أفراد الشرطة غير المسلحين فى بور سعيد بأسلحة نارية، خفيفة ومتوسطة هى جريمة منظمة ومدبرة. ونفس الشىء حدث فى السويس وأدى إلى سقوط 9 ضحايا، وحرق كل أقسام الشرطة والدفاع المدنى، ومن قبل قتل هؤلاء المجرمون 9 ضحايا عند الاتحادية، بالرصاص والخرطوش. وكانت الجثث توجد فى السويس فى أماكن بعيدة عن المظاهرات فى إشارة واضحة لقتل عشوائى. كذلك أصبحت هناك وفقا لمصدر أمنى رفيع اتصلت به شكوك جدية عن حادث القطار فى البدرشين الذى راح ضحيته العشرات بأنه من فعل فاعل. إذن هناك إستخفاف بدماء المصريين واستهانة لم نعرفها فى تاريخ العمل السياسى. ونحن نحمل قادة جبهة الإنقاذ المسئولية عن هذه الدماء الزكية التى راحت ثمنا لتعطش بعضهم للسلطة، ولكراهة بعضهم للإسلام، ولعمالة بعضهم لأمريكا. أنتم لم توفروا الغطاء السياسى لكل أعمال العنف والترويع هذه بعدم إدانتها فحسب بل قمتم بمباركتها واعتبرتموها من مظاهر الثورة وغضب الشباب. بينما قتل المصريين عن عمد، قتل النفس التى حرم الله لا مبرر أخلاقى أو سياسى لها. لم نر ثوارا يسرقون أجهزة الكمبيوتر والتلفزيون كما حدث ورأيناه على الشاشة فى مبنى محافظة الإسماعيلية. لم نر طوال الثورة من ينهب المحلات إلا بلطجية مبارك والعادلى. لقد سقطتم سقوطا تاريخيا وأخلاقيا مدويا. إذا كنتم تزعمون أنكم أغلبية فلماذا لا تستعدون لإنتخابات بعد أيام لتحصلوا على أغلبية المجلس التشريعى وتشكلوا الحكومة؟ أليس هذا أفضل من حرق الوطن؟ أليس هذا أفضل من استمرار دعوتكم للحكم العسكرى أيها الليبراليون المزيفون، بينما ترفض القوات المسلحة هذه الدعوة الخبيثة!
قادة ما يسمى جبهة الإنقاذ مسئولون سياسيا وجنائيا عن كل هذه الجرائم ولابد من محاكمتهم عليها، فلم يعد سرا أن الأموال توزع على البلطجية، وأن ذلك أصبح يتم علنا فى الشوارع بصورة تسمح بالمشاهدة المباشرة ورأى أعضاء حزب العمل ذلك بأنفسهم. وكل الحاصلين على هذه الأموال يستخدمون المولوتوف وغيره من الأسلحة البيضاء أو النارية. وزعيمهم شفيق أعلن من الإمارات أن حرب الشوارع ستتواصل إلى أبعد مدى. وأجهزة الأمن تعرف الممولين المباشرين بالاسم وتتركهم.
إن التضحية بدماء المصريين الأبرياء من أجل أغراض سياسية خبيثة جريمة خيانة عظمى، فهؤلاء ليسوا مصريين.. وليسوا مسلمين..وأيضا ليسوا مسيحيين.
يقولون أن أصحاب الأقنعة السوداء من أتباع أحد تنظيمات الكنيسة ومن تنظيم جيل المستقبل لجمال مبارك أو من بعض عناصر الاولتراس. فإذا كانوا مسيحيين نقول لهم إنهم لن يجدوا فى الإنجيل ما يبرر أعمالهم, بل سيجدوا (أحبوا أعداءكم.. باركوا لاعنيكم) وبهذه العقيدة صمدت الكنيسة المصرية أمام أعتى عواصف الطغيان الرومانى، أما بالكراهية والعنف فستفقد أهم ما يميزها. إن إرتكاب أعمال العنف خاصة الهجومى منه تسقط ركنا أساسيا من عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية. وفى كل الأحوال فإن قيام الإعلام الفلولى بتمجيد هذه الظواهر الشاذة (الأقنعة السوداء) يعد مشاركة مباشرة فى هذه الجريمة. لقد أصبحنا أمام إجرام علنى يمارس فى وضح النهار، وتقوم جبهة الإنقاذ باحتضانه والدفاع عنه وتبريره.
إن الطغيان الحقيقى والإجرام الحقيقى يأتى الآن ممن يسمون أنفسهم (جبهة الإنقاذ).. ولا تتصوروا أن الشعب غافل عن حقيقتكم، ولكن المشكلة أن الشعب غير راضى عن مرسى والإخوان وهو محق. ونحن من ناحيتنا نؤكد رفضنا للأداء المنخفض للإخوان منذ ما بعد الثورة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة الخارجية. ونؤكد أننا نعارضهم، ونتعاون مع عدد من القوى الوطنية والإسلامية لتقديم بديل آخر لسياساتهم التى أوصلت البلاد سريعا إلى طريق مسدود. ولكن خلافنا الجوهرى مع المعارضة العلمانية أنها تريد أن تسقط الشرعية، وهذا يعيد البلاد إلى دوامة الفوضى، بينما يجب أن نسعى للتغيير عبر الانتخابات وهى لحسن الأقدار على الأبواب.
لسنا مؤيدين لممارسات وسياسات الإخوان المسلمين ولكننا نرى الخطر الرئيسى على الوطن من هذه المجموعات التى تحرق الوطن لصالح الحلف الصهيونى الأمريكى.
وهؤلاء المدبرون والمنفذون لأعمال العنف.. ليسوا مصريين.. وليسوا مسلمين.. وليسوا مسيحيين.

*****

المقالات الكاملة لمجدى حسين:

ليست هناك تعليقات: