19 نوفمبر 2012

وائل قنديل يكتب : الفلول فى حزب الدستور



عندما بدأ التفكير فى إنشاء حزب يكون على رأسه الدكتور محمد البرادعى، كان الهدف الأوحد منه هو جمع شتات قوى الثورة المبعثرة، والإبقاء على جذوة حلم التغيير الشامل فى نفوس المتعبين المنهكين المحبطين.
 وأذكر أنه فى الاجتماعات الأولى للتحضير والتى كان لا يشارك فيها إلا عدد أصابع اليدين كان هناك حرص من الجميع على أن يكون النقاء الثورى معيارا أساسيا يتصدر معايير اختيار أول لجنة تأسيسية من مائة شخصية تمهيدا للانطلاق، بحيث لا يقبل أية أجسام غريبة عن الثورة فى مكوناته.
 وفى تلك الاجتماعات التى شرف كاتب هذه السطور بالمشاركة فيها بجوار قامات وطنية مثل الدكتور حسام عيسى والأديب علاء الأسوانى كان الحوار يدور على أرضية أن هذا هو حزب ثورة 25 يناير متبنيا شعاراتها البسيطة «تغيير حرية عدالة اجتماعية» ليكون إطارا جامعا لكل القوى المنتمية للثورة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
 وفيما بعد ومع أول اجتماع معلن للجنة المائة بساقية الصاوى جرى التداول حول اسم للحزب وكان هناك ما يشبه الإجماع على اختيار اسم «الثورة» غير أنه تبين أن هناك أحزابا تحمل الاسم ذاته.. وفى تلك الليلة التى اتخذ فيها الدكتور البرادعى قرارا بأن يكون العبد لله متحدثا رسميا باسم الحزب الوليد قال لى الدكتور محمد عفيفى رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة: «ما رأيك فى اسم حزب الدستور» وقد أعجبنى الاسم ونقلته كمقترح للدكتور البرادعى الذى طلب منى فى صباح اليوم التالى إعلان الاستقرار على اسم «حزب الدستور».
 وأذكر أن بعض الزملاء غضبوا من الاستعجال فى طرح الاسم واعتبروا ذلك نوعا من الممارسة غير الديمقراطية مطالبين بالتراجع عنه لأنه من المهم أن يكون الاسم أكثر تعبيرا للحالة الثورية وإدخال لفظ «ثورة» فيه بأى شكل.
 وبعد ذلك جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وصار للحزب متحدث رسمى جديد بعد اعتذارى عن المهمة، وتحول اثنان من أبرز صناع فكرة تأسيس الحزب إلى مجرد مستشارين، هما الدكتور حسام عيسى والدكتور علاء الأسوانى، وتشكلت لجنة جديدة لتسيير الأعمال، وبقى الأمل متأججا فى أن يكون الحزب هو المظلة التى تحمى مسيرة الثورة لاستكمالها.
 ومن هنا تأتى الدهشة من تبنى الحزب دعوة «مصالحة وطنية» تشمل ضم رموز من الحزب الوطنى المنحل، ذلك الحزب الذى لا يزال مقره محترقا حتى الآن على نيل القاهرة، كدلالة قوية على أن الثورة قامت ضده، فكرا وأشخاصا وبناء، وهو أيضا الذى مارس أبشع عمليات التشويه والتخوين والتكفير السياسى ضد زعيم حزب الدستور ورمزه الدكتور البرادعى.
 وحسب التصريحات المنقولة عن البرادعى فى مؤتمر بأسوان، ووفقا لما نشرته الزميلة «التحرير» أمس فإن حزب الدستور وعلى لسان الدكتور أحمد البرعى نائب الرئيس «يعقد اجتماعا الثلاثاء لمناقشة المصالحة الوطنية التى دعا لها الدكتور البرادعى فى أسوان، والتى تهدف إلى لم شمل كل القوى والتيارات السياسية بمن فيهم أعضاء الحزب الوطنى المنحل، منوها بأن اللقاء سيناقش تلك الأمور التى تتعلق بالتحالف ورؤية الحزب لقضية نواب الوطنى السابقين»

ليست هناك تعليقات: