11 أكتوبر 2012

التعزيزات الامريكية في العراق ... لماذا؟




د. ضرغام الدباغ
 قبل أربعون يوماً من اليوم، أي في التاسع والعشرين من آب / أغسطس المنصرم، كانت لنا مقابلة على إحدى القنوات الفضائية، وأدليت يومها برأي عن زيارة رئيس الأركان الأمريكي لبغداد قادماً من كابل / أفغانستان، وقلت يومها أن رؤساء الأركان في الجيوش لا يجرون مفاوضات سياسية، بل هم بصدد وضع خطط، أو وضع الخطط  قيد التنفيذ، وفحص القدرات التي يمكن حشدها لتنفيذ خطة موضوعة أصلاً أو في إطار وضع اللمسات الأخيرة عليها.
 وبادئ ذي بدء لا بد أن نعلم أن الأمريكان لم ينسحبوا من العراق كلياً، بل هم قلصوا وأخفوا وجودهم وتواروا عن الأنظار ليقلصوا من حجم خسائرهم، ولكنهم أبقوا على قواعد استراتيجية يمكن أن تصبح نقاط عمل فاعلة في أي وقت لمعالجة أي هدف تقرره القيادة السياسية الامريكية.
 وتستند الولايات المتحدة قبل كل شيئ إلى اتفاقية أمنية عقدتها مع الحكومة العراقية قبيل انسحابها التكتيكي، تجيز لها كمحصلة : اتخاذ العراق مقراً أو ممراً لجيوشها وعملياتها العسكرية، والاتفاقية يمكن وصفها بكل موضوعية بأنها أسوء من صك الانتداب البريطاني الذي فرض على العراق بعد احتلاله عام 1921،  ويحق لها بموجب الاتفاقية إنزال أي حجم من القطعات والمعدات والأسلحة، دون أخذ موافقة الجانب العراقي أو استشارته، والرقم الذي نشرته وسائل الإعلام قد يكون صحيحاً وقد يكون أقل من الواقع بكثير.
 السؤال الذي يقض مضاجع الكثيرين ... لما هذه القوات وما هي مهامها المحتملة...؟
قوى الشعب الوطنية العراقية التي تنازل قوى الاحتلال منذ اليوم الأول للغزو ولحد هذا اليوم، لا يهمها من تكون قوى الاحتلال وتحت أية راية، وأي قوة بصرف النظر عن جنسيتها، تصادر القرار السياسي العراقي الحر، ولا تحترم سيادة العراق على أراضيه وثرواته ومما يملك هي قوة احتلال ينبغي إزاحتها وإخراجها من العراق بأي وسيلة ممكنة، فكافة الفعاليات مشروعة لإزاحة فعل غير مشروع 
وقد سألني قبل أيام صحفي عن رأي حول ما يتردد من نزول قوات امريكية في العراق ..؟  فكانت إجابتي له : تعال نجرب نظرية الاحتمالات البعيدة والقريبة والأكثر احتمالاً، والأبعد احتمالاً .
 ابتداء، لا نعتقد بارجحية كبيرة أنها في إطار خطة الاحتلال تركيا مثلاً، ولا الكويت، ولا الأردن. مع أن مطامع الأمريكان في كل هذه الأماكن وغيرها موجودة، ولكنها ليست ضمن المنظور، إذن لنتحدث بوضوح أكثر .... فهي إما
 •        لمعالجة وضع سياسي في العراق.
 •        لمعالجة تعقيدات سياسية أو مضاعفاتها في سوريا مثلاً.
 •        التدخل ضمن سيناريو معين في بلد آخر وفي مقدمة القائمة إيران.
 ورغم أني ما زلت أعتقد بأن التحالف قائم، ولكن يبدو أن هناك ألعاب وراء الكواليس، وكجبل الجليد معظمه غاطس تحت الماء والقليل منه ظاهر، فهناك أحداث تستحق الملاحظة، منها موافقة الإدارة الأمريكية على مقترح الكونغرس برفع أسم مجاهدي خلق من قائمة الارهاب وعلى جناح السرعة، وانهيار اقتصادي متسارع في إيران، والاضطراب في الشارع الإيراني، إذا صاحبه تحرك بازار طهران، فالخطب إذن جدي وخطير. وهو ما يحصل في إيران.
 هناك قاعدة سياسية معروفة : التحالف بين دولة أو قوة كبيرة، ودولة صغيرة أو أقل قوة، سيكون لصالح الدولة الأكبر، ومن يصاحب الذئب عليه أن يتحمل حقيقة أن الذئب لا أخلاق له ولا ضمير.
  من يلعب ألعاب قذرة، عليه أن لا يفكر ولا يتذكر حكمة: النظافة من الإيمان.

ليست هناك تعليقات: