18 سبتمبر 2012

نستحلفكم بالله ألا تجعلوا الشعب يندم على اختياره



تناثرت الأخبار عن حضور وفد من "جماعة الإخوان" مؤتمرا دوليا عن الأمن والتعاون الإقليمى فى الشرق الأوسط فى العاصمة التشيكية "براج" يوم 31 أغسطس 2012، وشارك فى نفس المؤتمر وفدا من الجيش والمخابرات الإسرائيلية. كدنا أن نصمت كما صمتنا من قبل لأسباب عديدة منها منح الفرصة للرئيس د.مرسى لاستكمال بناء الدولة الديمقراطية، فبناء دولة ديمقراطية يحكمها من نختلف معهم خير من دولة ديكتاتورية يحكمها من نحبهم، أو دولة فاسدة جاسمة فوق صدورنا، كما أننا غير راغبين فى الصراع الدموى على السلطة بعد السكون الملحوظ للثورة، وتغاضينا عن الاختيار بغطاء ديمقراطى وافترضناه ديمقراطيا كاملا، وفضلنا أن يكون الصراع على السلطة سلميا من خلال انتخابات ديمقراطية بالرغم من عدم تكافؤ فرص المتنافسين وعدم تساوى أو تقارب مراكزهم. والتزمنا بحق السلطة المنتخبة فى اختياراتها، فهى المسئولة عن الإدارة، وهى المحاسبة على اختياراتها ونتائجها، ولم نزايد عندما اختار الرئيس د. مرسى فى رحلته إلى الصين "رجال مال" وليسوا رجال أعمال من أعمدة نظام "مبارك المخلوع"، وبدلا من أن تحولهم مؤسسة الرئاسة للمحاكمة على ماضيهم السيئ فى النظام البائد تكرمهم وتصطحبهم معها لعمل استثمارات فى الصين، والمفروض مكانهم الطبيعى الآن أن يكونوا بجوار زعيمهم فى "سجن طرة" وليسوا فى صحبة الرئيس المنتخب لعمل مزيد من الاستثمارات. عبرنا عن غضبنا لم نبالغ فيه عندما اختار مجلس الشورى بغالبيته من الإخوان وحلفائها رؤساء تحرير ومجلس إدارة الصحف قومية من بعض المطبعين مع العدو الصهيونى والمتحولين من ضد الثورة إلى التماشى معها. هل ماحدث صدفة قابلة للتصحيح أم أنه اعتماد لسياسة جديدة يسأل عنها أصحابها فى نهاية المطاف؟ وهل هذه مقدمة للتسامح الإسلامى والتصالح المدنى مع أعداء الوطن وقتلة خيرة أبنائه الذين فجروا ثورة 25 يناير؟

كنا نفرح ونصفق كلما يحرز الرئيس د. محمد  مرسى انتصارا على أعداء الثورة، وصار اهتمامنا بالنتيجة فى إزاحة ركائز النظام الخائن وعلى رأسهم المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان، ولم نهتم بالآداة وكيفية الإزاحة حتى وإن كانت مقايضة عجائز الجنرالات بجنرالات اصغر سنا مدعومة بضمانات وتأيدات واضحة. لم نزايد على وطنية من فى السلطة، وقدرنا الظرف التاريخى والمرحلة الانتقالية، وصمتنا على التطمينات التى أرسلها وزير الدفاع المصرى وهو يستهل عمله الوزارى لنظيره الصهيونى ويؤكد التزامه –صراحة- بمعاهدة السلام الصهيونية-المصرية. كانت قناعتنا أن رفض الاتفاقية يحدده ميزان القوى على أرض الواقع، وأن الاتفاقيات ليست بحاجة إلى زعيق يعدلها أو ينهيها، وإنما تشيخ وتموت كالإنسان، وامتلاك قوة الردع هو العامل الوحيد فى فرض واقع جديد أو دفنها دونما استئذان الشركاء. ولم نغفل أننا فى مرحلة نقاهة، وافترضنا أنه لو جاء أى طرف إلى السلطة من المتنافسين على الانتخابات الرئاسية ما كان وضعه سيكون بأحسن من الوضع القائم المحاصر. مقدرات الدول فى لحظات التغيير تحتاج إلى حسن التقدير والعمل الدؤوب فى صمت لتغيير موازين القوى إلى الأحسن .

كدنا نتجاوز عن حضور وفد من جماعة الإخوان المؤتمر الدولى الذى عُقد فى "براج" باعتباره مؤتمرا أكاديميا فى العلوم السياسية، والخصوم الحضور أو الأعداء يلتقون بالصدفة، والمحرم هو مقاطعة المؤتمرات التى يدعو لها الكيان الصهيونى أو أى جهة على أرض فلسطين المحتلة وتحت إدارة صهيونية، إلا أننا لاحظنا أولا حضور د. عمرو دراج المؤتمر ضمن وفد الجماعة، وهو أستاذ بكلية الهندسة وأبحاثة تلقى فى مؤتمرات العلوم التجريبية وليست العلوم السياسية، وثانيا: ما ذكره د.عصام العريان ردا على من انتقد حضور وفد من "الإخوان" مؤتمر "براج" من أن وفد الإخوان حضر المؤتمر بصفته الحزبية والشخصية، واشترط ألا تجمعه مائدة أو منصة مع إسرائيليين، واعتبر الهجوم الإعلامى على حضورهم المؤتمر غير مبرر بالمرة. حضور د.عمرو دراج وكلام د.عصام العريان عن اشتراطهم بألا تجمعهم مائدة أو منصة مع الإسرائيليين يؤكدان معرفة الجماعة بطبيعة المؤتمر، لاتعليق فموقف الجماعة من الكيان الصهيونى معلن وواضح ولا لبس فيه، وأكد عليه الرئيس مرسى منذ توليه الرئاسة وانحيازه للقضية الفلسطينية،  لكننا نذكر أن ما انتهينا إليه من وضع مزر وكان من أحد أهم الأسباب لقيام الثورة هو فقدان السيادة الوطنية التى بدأت بمحادثات الكيلو 101 عام 1974 وكان الطرف المصرى آنذاك فى المفاوضات يشترط ألا يكون التفاوض مع الصهاينة مباشرا وألا تجمعهم مائدة واحدة.

انتخبناكم للرئاسة ونحن نختلف معكم حتى لا يعود يحكمنا الخونة والمطبعون من النظام البائد، فهل تدركون هذه الحقيقة؟ التطمينات الخارجية قد تحمى كيانات وتحافظ على نظم حكم مؤقتا لكنها لاتؤسس دولة سيادة ولا تقيم وطنا حرا. صحيح أن الحكم للأغلبية والحساب فى نهاية الفترة للشعب، ونقد المعارضة واجب للتنبيه قبل السقوط فى المستنقع. مارفضناه من مبارك وثرنا عليه لانقبله منكم ولايقبله الإسلام. نستحلفكم بالله ألا تجعلوا الشعب يندم على اختياره لكم وتدفعوه للمواجهة معكم.

ليست هناك تعليقات: