22 مايو 2012

من يرتضى قواعد اللعبة لايعترض على نتائجها



د.يحيى القزاز
بعد خلع مبارك بثورة 25 يناير حددت المادة 28 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 قواعد اللعبة الانتخابية، وحصنت لجنة الانتخابات العليا للرئاسة من الطعون على قراراتها، فعندما تعلن اللجنة فوز "فلان" أو "علان" رئيسا للجمهورية، بغض النظر عما يشوب العملية الانتخابية من عوار أو تزوير، فلا يحق لمن لم يحالفه حظ اللجنة الاعتراض على قراراتها. وكل من تقدم للترشح ودخل حلبة الانتخابات الرئاسية فقد ارتضى بقواعد تلك اللعبة، وهو عارف أنها مادة تحصن تزوير الانتخابات وتتستر على عيوبها وتجملها.
وكنا نتوقع أن يرفض ويثور المرشحون الثوريون الحقيقيون والملتحقون بالثورة ضد ترشح الفلول (عمرو موسى وأحمد شفيق) اللذان شاركا النظام البائد جرائمه، لكن هذا –للأسف- لم يحدث. ودلالة عدم رفض موسى وشفيق تعنى الرضا والقبول والمساواه بين من ناضل ودفع الثمن إصابة ودما وشهداء بمن أفسد الحياة السياسية ثم غسل نفسه بدماء شهداء الثورة بحثا عن طهارة زائفة. ومن قبل بقواعد اللعبة معلومة العيوب لايحق له أن يعترض على نتائجها، ويدعى بطولة لاسترجاع الثورة، فمثله مثل مرشحى الفلول، كل يبحث عن كرسى الرئيس.
وكيف يصدق المرء أن مرشحين ثوريين عانوا من ظلم وفساد نظام مبارك يقبلون بإجراء انتخابات تحت نفس النظام المتجذر بوجوه مختلفة مختبئة خلف السترة العسكرية، ويبدو من الواقع المؤسف، وتراجع الثورة وعدم قدرتها على التغيير أن ماقام به الشعب المصرى هو انقلاب على الحاكم والإبقاء على النظام، ولأول مرة فى التاريخ، يقوم شعب بانقلاب للإطاحة بحاكم ويأتى بمجموعة حاكمة تحل محله تعتمد نفس نظام مبارك المخلوع. وإذا فشلت الثورة لاقدر الله -بالرغم من أنها تسير فى طريق التصفية على يد أعدائها- فقد يصفها التاريخ الزمن القادم بأنها "هوجة"، وقد يضيف لها بعض المنتفعين وأعداء الثورة أنها "هوجة" بلطجية ضد رئيس مسالم طاعن فى السن  تنازل عن الحكم طواعية بعد 18 يوما من الثورة لكى يحقن دماء شعبه ويحافظ على سلامة وطنه، كما قال بعض أعداء ثور يوليو نفس الكلام السخيف على الملك الفاسد فاروق سليل اسرة محمد على البلقانية غير المصرية الذى أطاحت به ثور يوليو 1952 لكى ينصفوه ويظلموا الشعب.
ولأننى أرفض المساواة بين مرشحى الفلول (شفيق وموسى) بباقى المرشحين، ولأننى أرفض ولن أعترف بفوز أى من عمرو موسى وشفيق قررت ألا اشارك فى العملية الانتخابية حتى لاتكون حجة على فى عدم الخروج للميادين رافعا راية الثورة ضد سارقيها، ومتضامنا مع القابضين على جمر الثورة.
ولسنا فى حاجة للتذكر بأن مانحن قيه من طريق مسدود كان بسبب تواطؤ جماعة الإخوان وتابعيهم من التيارات السلفية الذين رفضوا وضع الدستور أولا حتى تتحدد معالم الطريق وتتبين الحلول عند الخلاف والاختلاف، ورفضوا مناقشة قانون العزل السياسى منذ أول يوم وطأت أقدامهم البرلمان، وتذكروه عندما ترشح  الجنرال عمر سليمان للرئاسة، وفصلوه على مقاس الجنرال، وتركوا عمرو موسى وأحمد شفيق وكأنهم من الشهداءالأحياء لثورة 25 يناير. لا أظن أن أى عاقل محترم قبل قواعد لجنة الانتخابات أن يشكك فى نزاهتها ويعترض على نتائجها وهى المعصومة والمحصنة للتزوير، ويدغدغ حماس الثوار، ويؤجج مشاعرهم باسم حماية الثورة من التزوير –والتزوير معروف أنه محصن سلفا بالمادة 28-يستدعيهم للنزول للميادين مر أخرى مدعيا قيام ثورة ثانية بينما هو دفاع لاستراع مجد شخصى فى مقعد الرئاسة.
من يشاهد ويرى ما يطالب به الشعب من تحسين أوضاع المعيشة والعدالة الاجتماعية وخلافه يتأكد أنها نفس المطالب التى كانت فى زمن مبارك وكأن الثورة لم تقم، والشعب لم يضح بفلذات أكباده شهداء على أعتاب الحرية. وأصبجنا لانعرف الفرق بين رئيس الدولة و "خولى العزبة"، الأول يستمد سلطاته من دستور محدد واضح المعالم وليس منة من أحد، والثانى يستمد صلاحياته من صاحب العزبة (السلطة العسكرية الحاكمة). نريد رئيسا للدولة يمارس صلاحياته بمقتضى دستور حقيقى وليس من خلال أوامر صاحب العزبة. لا أظن أن الشعب سيصدق ادعاءات من خسر الانتخابات –حتى ولو كانت صحيحه- لأنه قبل اللعب على مادة تحصن النزوير، وشارك الفلول فى الانتخابات، وتنكر لدماء الشهداء. ويخطئ من يتصور أن العسكر سيسلمون السلطة بشكل كامل وحقيقى للرئيس الذى أفرزته المعصومة لجنة الانتخابات الرئاسية بستار شعبى ، سيسلمونها حبرا على ورق وبشكل صورى، ويصير لدينا الحاكم الفعلى (المجلس العسكرى) من وراء ستار كما كان جمال مبارك والحاكم الصورى الرئيس المنتخب كما كان المخلوع مبارك.
لاتنزعجوا منا قإننا على استعداد أن نغادر الميادين ونطوى ثورتنا إذا استطعتم أن تعيدوا شهداءنا فإننا على استعداد أن نعود إلى منازلنا، والبديل الاستمرار حتى يتحقق حلم شهداؤنا وتنتصر الثورة.
22 مايو 2012

ليست هناك تعليقات: