17 مارس 2011

الموافقة على التعديلات الدستورية تساوى ثورة مضادة



الموافقة على التعديلات الدستورية تساوى ثورة مضادة



سيد أمين





لا أدرى لماذا اتوجس هذه الايام خيفة من ان يكون قد حان وقت سماع كلمات النهاية المؤسفة التى سيطل ويتلوها علينا "عفريت" سيبرز فجاءة على خشبة المسرح.


ولا ادرى متى اتوقف عن التحلق والحملقة فى كل وجوه الناس محاولا التمييز والاكتشاف المبكر للجنى عن البشرى وذلك اشباعا لفضول عندى وكيلا تكون صدمتى كبيرة فى اى مرحلة من مراحل تلك المسرحية الجادة والتى قد تصبح هزلية فى اى وقت.


لقد انزاح ستار عرض الفصل الاول من تلك المسرحية الملحمية الرائعة بسقوط ثقيل للرأس فى نظام عملاق مترهل يجرجر فساده بالكاد , وقد حدث هذا السقوط تحت وطأة ثورة شعبية بليغة غير مسبوق تاريخيا فى دول مثل مصر لا تعرف الا الفرعون والعبيد , لكن ثمة ما ينغص على الشعب فرحتة بالانعتاق من نير سلطة وتسلط نظام "اللصوصى" وليس "الاستبدادى" فحسب وهو النظام الذى حكم مصر الذى حكم مبارك الفرعون به هذا الشعب طيلة سنوات "التيه" الثلاثينى , ويتمثل ذلك الخطر فى ان اركان النظام الذى سقط ما زالت باقية والكثير منها يمارس مهام عمله بشكل معتاد فاسدا ومفسدا , والحكايات هنا لا تنتهى والشواهد لا تحصى.


وثمة مخاوف من ثورة مضادة لثورة الشعب المصرى وشواهدها هى الاخرى كثيرة ايضا لدرجة ان رئيس وزراء الثوراء الدكتورعصام شرف حذر بنفسه منها.


وقبل الخوض فى مخاوفى من ان يكون تمرير التعديلات الدستورية ثورة مضادة ,اريد ان اقول ان الثورة المضادة تحدث عادة كرد فعل على ثورة اكتملت ونجحت وادت اهدافها ثم يحاول اعداؤها الانقلاب عليها.


ولكن فى حالتنا المصرية لم تحقق الثورة اهدافها بعد , فقد خلع رأس النظام رغم ما يتردد عن ادارته لشئون البلاد بالهاتف من شرم الشيخ او حتى تبوك او لندن.


ومع ذلك لم يحدث شىء اخر له قيمة , فجهاز امن الدولة لم يتم الغائه ولكن فقط تغير اسمه ورجال الحزب الوطنى الاثرياء يعقدون باموال الشعب ندواتهم وراح بعض منهم يرتدى ملابس الحمل وينخرطون فى احزاب حملت اسماء تنتمى الى الثورة والحرية والتحرير, وبالقطع فى اى انتخابات قادمة سوف يسيطرون على المجالس النيابية بأموال الشعب فى ظل وجود عناصر المحليات الذين هم تقريبا الجذور الشعيرية التى يتغذى عليها الحزب الوطنى ويستمد من فسادهم قوته.


كما لا يزال اتحاد عمال مصر باقيا وهو الاتحاد الذى ساهم فى قمع ارادة العمال وسامهم سوء العذاب وهو الذى ينظم المظاهرات الفئوية بالتعاون مع رجال امن الدولة والحزب الوطنى بهدف اجهاض الثورة فى المهد.


ولا زال اساطين الحزب الوطنى والنظام الفاسد طلقاء ويعاد انتاج وجوههم مرة اخرى ومنهم صفوت الشريف وزكريا عزمى وفتحى سرور ومحمد عبد اللاه ومحمد رجب فضلا عن وجود محافظى الحزب الوطنى بالكامل فوق مقاعدهم,


وقد لفت نظرى ان الكثير من المواطنين اكدوا ان تواجد الشرطة فى الشارع هو تواجد شكلى وهنا اسوق ملاحظة شهدتها بنفسى بمنطقة القطامية بالقاهرة الجديدة حيث وجد الاهالى جثة لعجوز ملقاة على جانب الرصيف وراحوا يتصلون بالشرطة لتتولى الامرولكن رجال الشرطة قالوا لهم "ما ليناش دعوة" وكذلك قام عدد من البلطجية باقتحام نحو 29 عمارة سكنية غير مأهولة واخذوا يبيعون ويشترون فيها تحت أعين ومسامع الشرطة.


حقيقة الشواهد كثيرة صار مؤكدا معها ان خنقا ناعما للثورة يحدث الان وقد يؤتى ثماره كاملة عبر الموافقة على التعديلات الدستورية , وهو ما يؤشر الى ان الشعب اختار دستور مبارك , مما يعنى فى جانب منه ان الثوار المصريين هم الوحداء فى العالم الذين اسقطوا طاغية ثم صوتوا لصالح الابقاء على نظامه , وليت ذلك يحدث عن معرفة ولكن بنفس الاليات التى كان يستخدمها مبارك , عبر تسطيح وتغييب وعى الناس واثارة البلبلة فى افكارهم , وترويعهم باسم الغاء المادة الثانية من الدستور الخاصة بكون الاسلام مصدر اساسى للتشريع او ترغيبهم فى الاستقرار والرضاء بما قسم لنا الحاكم العسكرى , مع ان تغيير الدستور لا يعنى ابدا تغيير المادة الثانية من الدستور , والاستقرار لا يجب ان يكون عبر اجهاض الثورة والابقاء على دستور مكون من نحو 176 مادة تم تعديل ستة مواد فقط منه فيما ابقى على 36 مادة اخرى تؤله الرئيس وتجعل من امكانياته ان يصبح مباركا اخر ويصنع حزبا وطنيا اخر يسترق الناس ويعمل على تسطيح وعيهم وتجهيلهم فضلا عن انه لو تمت الموافقة على تلك التعديلات فثمة لا استقرار فى مصر فكل شهر سنشهد تقريبا استحقاق انتخابى على مدار عام كامل, كان من الممكن توفير نفقات تلك الحملات للبلاد.


Albaas10@gmail.com


Albaas.maktoobblog.com

ليست هناك تعليقات: