14 فبراير 2010

العراق والبعث ومعادلات النصر الحتمي


الاستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عراقي

الولايات المتحدة .. بقضها وقضيضها, أساطيل بحرية وجوية وأصناف مختلفة من الجنود المشاة والفرق المحمولة وفيالق الدبابات والصواريخ الاستراتيجية والتكتيكية والطائرات المنظورة وغير المنظورة والقنابل الذكية والغبية, ومع أميركا عشرات الدول الكبرى والصغرى والقزمة سوية مع دولة بني صهيون التي عجز العرب عن قطع مخلب واحد من مخالبها, وفي الاسناد اللوجستي, ايران وتركيا, وتحت الاستخدام أرض العرب الاقحاح كقواعد للانطلاق لقوافل الموت جوا" وبرا" وبحرا" من كل الجهات .. كل هذا العالم غزى العراق … وبعد قتال أسطوري أعلنت بيانات النصر ( الأممي ) واشتغلت ماكنة اعلام التبجح والتشويه والتبشيع في آن معا لتقول لنا ببساطة: ان العراق وشعبه وحزبه وجيشه جبان لم يقاتل وانهزم بسرعة الضوء … وكأن الناعقون الفجرة, أفرادا" ودول, قد قاتلوا من قبل كل هذا الحشد الكوني وسجلوا عليه الانتصارات فامتلكوا حق نقد العراق.

قاتل العراق العالم بقضه وقضيضه, يوم .. يومان .. شهر .. شهران .. قاتل العراق في ام قصر والبصرة وقاتل في ذي قار والمثنى والنجف وبابل وكربلاء. وكانت للعراق صولات في الرضوانية واللطيفية والمحمودية ومطار صدام .. وما أدراك ما صولات مطار صدام … ألا يكفيه فخرا" انه قاتل ولو لاسبوع واحد مواجها الكون كله بكل تقنيات الموت والتدمير التي يتبجح بها المتبجحون وتذهل بل تعطل عقول الانس والجان؟؟

دخل الغزاة الى بغداد بعد أن اشبعوها كمدا" وبؤسا" بحصار خرافي دام 14 عام جفت فيه الحلوق وتيبست الشفاه وتحجرت الافئدة، وبعد أن احتلوا شمالها لنفس الفترة وحولوه الى وكر للثعابين والافاعي وجحور لعتاة المجرمين المرتزقة و المقامرين من أجل الثروة ومن اجل السلطة التي تمنح سبل نهب المال العام وتنفيذ الثأر الفارسي والصهيوني من دولة وحكومة عراق العروبة وهم في أبشع وأحط صورهم التي عجز حتى الفن السابع عن التقاط صورة واقعية لذرة واحدة من واقع حالها … وانبثوا في الارض كما الجراد الأصفر يتغنون بأمجاد نصر ما لهم في انجازه غير عبودية الخيانة وذل العمالة .. وانبثوا في الارض ينظرون لعراق جديد سيبنونه على انقاض عراق المدنية والتحضر وانجازات الشعب المكافح بالعرق وبالدم لسنين طوال .. عراق جديد ينبثق من عمامة شيعية فارسية وجبة سنية متأمركة وشروال كردي متصهين وغربان وكواسر تحوم مستنشقة روائح الأجساد الممزقة لتسرق ممتلكات العراق من الحديد الى الطابوق ويلهث بعض السراق كما الكلاب النجسة خلف معدات المصانع الثقيلة وأجهزة الطرد المركزي وقياس الكتلة والرنين المغناطيسي النووي وأطياف تحت الحمراء والاشعة فوق البنفسجية والميكروسكوبات العملاقة ومكائن القولبة وغيرها المتجهة صوب ايران عبر خاصرة العراق المثقبة بخناجر الغدر والخيانة كمنفذ, وأبدان الالمنيوم للطائرات والصواريخ وكذا الدبابات والسيارات والناقلات المتجهة ايضا صوب ايران من بين وديان الشمال التي شهدت اعظم ملامح البطولة ضد ايران المعتدية كمنفذ ثان..

أعلن الرعاع عن نصر ما لهم فيه من حصة غير بؤس السقوط الذليل في أحضان الموساد ومخابرات أميركا واطلاعات ايران وهاجوا في الارض يطبلون لجرائم خيالية ارتكبها الرجال الذين غادروا كراسي خدمة الشعب والامة وهاجروا يوم 9-4-2003 الى خنادق الجهاد وساحات المقاومة بعد ان أدوا امانة القتال المباشر وصد الحرب الكونية التي ما شهد لها التاريخ مثيل, غير آبهين بضجيج الدبابات ولا نعيق البوم ولا فحيح الافاعي, يطبلون لجرائم ما لها من وجود، الاّ في عوالم البهتان والكذب الآشر .

اجتثوا البعث .. صفوا جسديا ما يزيد عن 170 ألف من اعضاءه.

هجّروا الملايين من البعثيين وعوائلهم .

قطعوا أرزاق الملايين من البعثيين وعوائلهم .

اعتقلوا مئات الآلاف من البعثيين ومؤيديهم وانصارهم واصدقاءهم .

سنّوا دستورا" للاجتثاث .

وأسسوا برلمانا" للاجتثاث تسنده مؤسسات وهيئات ولجان في كل زاوية من زوايا العراق .

مارسوا الديمقراطية الامريكية الفارسية الصهيونية لسبع سنوات .

كتبوا آلاف المقالات ونشروا ملايين الساعات من ألبث المباشر عن ابادة البعث فكرا" وبشرا" وتغنوا بهذا الانجاز العملاق لصغار القردة اللاعبين في سيرك مثلث القذارة الامريكي الصهيوني الفارسي. أسسوا قرابة 50 قناة فضائية تمجّد الاجتثاث والاقصاء وكأنه سمة مقدسة من سمات عصر الديمقراطية الامريكية … وتسندها عشرات الاذاعات ومئات المنتديات ومواقع الانترنيت ..



وبعد كل هذا الكم الاسطوري من الفعل والتنظير لاجتثاث البعث .. يخرجون علينا, بعد سبع سنوات عجاف … وكأنهم ما اجتثوا ولا ذَبحوا ولا اقصوا ولا هَجّروا ….



يطلعون علينا بعد سبع سنين يعلنون عن الاجتثاث وكأنه يطبق لأول مرة وليس من سبع مرت وكأنها طواحين الهواء تأكل حتى الريح التي تحمل اسم البعث …واليقين , انهم يجتثون كل العراقيين النجباء .

انهم اليوم وبعد أربع أو خمس من الانتخابات الدم قراطية في العراق الجج.. جديد يمزقون آذان العالم بالاجتثاث لبعث اعلنوا عن موته منذ سبع مضين !!



عالم من الجنون يبثه حزب البعث العربي الاشتراكي في جنبات أميركا وديمقراطيتها وعراقها الجج جديد ..

عالم من الهلع وهوس الفجيعة ينشره حزب البعث العربي الاشتراكي في أرجاء الخضراء وما يحاذيها من أماكن الاختباء للجبناء الانذال المستوردين مع علب السردين والكوكا كولا والبيرة الامريكية.

بعد سبع سنين .. البعث يدمر طمأنينة القوادين وسماسرة المتعة ولطّامة الطوائف مثلما نخر الجسد الاحتلالي وأذاقه مرارة القرار بالمغادرة والأمر منه بالبقاء. فأي حزب هذا البعث وأي كيان شعبي اسطوري هذا البعث وأي عقيدة راسخة في أعماق تراب العراق هذا البعث … وكيف لهم ان ينتصروا عليه بعد كل ما جربوه ؟؟

البعث انتصر .. البعث ينتصر .. البعث سينتصر ويحرر العراق مع كل رجال العراق الأحرار الشرفاء وينتصر العراق والبعث ويا محلى النصر بعون الله.

ليست هناك تعليقات: